شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[خاتمة في الحدود]

صفحة 270 - الجزء 2

  يلتفت معه إلى غيره لتجليه في الرجحان، ومنها ما هو مظنة الغموض، فرب ترجيح يرجح به الدليل عند مجتهد ولا يرجح به عند آخر؛ ولذا ترى أنظار المجتهدين تتصارع، فيقوى لبعض ما لا يقوى لغيره، وبالجملة فالاجتهاد معيار المجتهد، وعموده رجحان العقل، فكما أن الميزان الصناعي تنقصه وتزيده حبة الخردل كذلك الميزان العلمي يميل ليسير الأمارة.

  (ولن يخفى اعتبارها) أي: وجوه الترجيح ما ذكر منها. وما أغفل (على الفطن) الذكي المتيقظ الفحل النقاد العارف بمجاري الأدلة ومظان الاجتهاد؛ إذ فيما ذكرنا منها هداية وإرشاد إلى ما لم يذكر. (مع توفيق من الله ø) لعبده وتأييده له. والتوفيق: تهيئة أسباب الخير وتنحية أسباب الشر، من جعل الأسباب متوافقة، فعند ذلك يتناول المطلوب، ويصل إلى كل محبوب ومرغوب، نسأل الله تعالى توفيقه السالك بنا محجة الرشاد، وتأييده المعين على تحصيل المراد وتزود التقوى ليوم المعاد، إنه ولي ذلك القادر على ما هنالك.

[خاتمة في الحدود]

  وهذه (خاتمة في الحدود) وهي الموصلة إلى أمر مفرد⁣(⁣١). (الحد) لغة: طرف الشيء، وشفرة نحو السيف، والمنع، ومنه سمي السجان حداداً.

  و (في الاصطلاح) أي: اصطلاح الأصوليين (ما يميز الشيء) المحدود (عن) دخول (غيره) فيه وخروج بعض أفراده. وهذا التعريف شامل للعقليةِ كتعريف الماهيات، والسمعيةِ كتعريف الأحكام، [لكنه غير مانع؛ لدخول نحو العَلَم و «ال» العهدية]⁣(⁣٢). وهذا⁣(⁣٣) مع ما يتبعه من الترجيح هو المراد هنا.

  وقيل: لا يمكن تعريف الحد؛ للزوم التسلسل.


(١) وهو التصور.

(٢) ما بين المعكوفين غير موجود في نسخة المؤلف.

(٣) أي: السمعية.