[حكم نسخ المتواتر بالآحادي]
  وحكى في الفصول الجوازَ عن جماعة، منهم أبو الحسين الطبري ¦، واختار صاحب فصول البدائع من الحنفية جواز نسخ الإجماع بالإجماع، وشبهتهم وجوابها ما تقدم.
  وأما القياس فذلك(١) عند المنصور بالله وأبي طالب @ وحكاه(٢) عن عامة الفقهاء والمتكلمين، فلا ينسخ نصاً ولا قياساً؛ أما النص فلإجماع الصحابة على رفض القياس عند وجوده، ولخبر معاذ ¦، وأما القياس فلأن تقدمه بتقدم أصله قرينة تخصيص علة الآخر - كما في بناء العام على الخاص - إن لم يكن(٣) مرجوحاً عند القائس، وإلا تبين(٤) زوال شرط العمل به كما تقدم.
[حكم نسخ المتواتر بالآحادي]
  (و) الجمهور على أنه (لا) يصح نسخ الكتاب العزيز وخبر (متواتر) أي: معلوم، من باب إطلاق الملزوم وإرادة اللازم (بآحادي) أي: بظني كذلك لا يفيد القطع بالقرائن(٥)؛ إذ القاطع لا يعارضه المظنون.
  وذهب متأخرو الحنفية إلى جواز نسخهما بالخبر المشهور، قالوا: لأن النسخ بيان من وجه وتبديل من آخر، فمن حيث بيانيته يجوز بالآحاد كبيان المجمل والتخصيص، ومن حيث تبديله يشترط التواتر؛ فجاز التوسط بينهما(٦) عملاً بالجهتين.
  وفيه: أنه لا واسطة بين العلم والظن، وقد صرحوا بأن المظنون لا يقابل القاطع.
(١) أي: منع النسخ به مطلقاً.
(٢) أي: أبو طالب #.
(٣) أي: الآخِر بكسر الخاء.
(٤) أي: وإلا لم يكن مرجوحاً بل كان مرجوحاً أو مساوياً.
(٥) زاده المؤلف | ليدخل فيه ما أفاد القطع بالقرائن فإنه يجوز النسخ به كما سيأتي في خبر أهل قباء.
(٦) بأن يكون بالمشهور.