شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[حكم نسخ المتواتر بالآحادي]

صفحة 189 - الجزء 2

  وحكى في الفصول الجوازَ عن جماعة، منهم أبو الحسين الطبري ¦، واختار صاحب فصول البدائع من الحنفية جواز نسخ الإجماع بالإجماع، وشبهتهم وجوابها ما تقدم.

  وأما القياس فذلك⁣(⁣١) عند المنصور بالله وأبي طالب @ وحكاه⁣(⁣٢) عن عامة الفقهاء والمتكلمين، فلا ينسخ نصاً ولا قياساً؛ أما النص فلإجماع الصحابة على رفض القياس عند وجوده، ولخبر معاذ ¦، وأما القياس فلأن تقدمه بتقدم أصله قرينة تخصيص علة الآخر - كما في بناء العام على الخاص - إن لم يكن⁣(⁣٣) مرجوحاً عند القائس، وإلا تبين⁣(⁣٤) زوال شرط العمل به كما تقدم.

[حكم نسخ المتواتر بالآحادي]

  (و) الجمهور على أنه (لا) يصح نسخ الكتاب العزيز وخبر (متواتر) أي: معلوم، من باب إطلاق الملزوم وإرادة اللازم (بآحادي) أي: بظني كذلك لا يفيد القطع بالقرائن⁣(⁣٥)؛ إذ القاطع لا يعارضه المظنون.

  وذهب متأخرو الحنفية إلى جواز نسخهما بالخبر المشهور، قالوا: لأن النسخ بيان من وجه وتبديل من آخر، فمن حيث بيانيته يجوز بالآحاد كبيان المجمل والتخصيص، ومن حيث تبديله يشترط التواتر؛ فجاز التوسط بينهما⁣(⁣٦) عملاً بالجهتين.

  وفيه: أنه لا واسطة بين العلم والظن، وقد صرحوا بأن المظنون لا يقابل القاطع.


(١) أي: منع النسخ به مطلقاً.

(٢) أي: أبو طالب #.

(٣) أي: الآخِر بكسر الخاء.

(٤) أي: وإلا لم يكن مرجوحاً بل كان مرجوحاً أو مساوياً.

(٥) زاده المؤلف | ليدخل فيه ما أفاد القطع بالقرائن فإنه يجوز النسخ به كما سيأتي في خبر أهل قباء.

(٦) بأن يكون بالمشهور.