شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[تعريف أصول الفقه]

صفحة 27 - الجزء 1

[تعريف أصول الفقه]

  وقبل الشروع في مقاصد العلم أشار إلى تعريفه وضبط أبوابه إجمالا؛ ليكون للطالب زيادة بصيرة؛ لأنَّ كل علم مسائل⁣(⁣١) كثيرة تضبطها جهة واحدة باعتبارها يُعدُّ⁣(⁣٢) علما واحدا يفرد بالتدوين، ومن حاول تحصيل كثرة تضبطها جهة واحدة فالأولى أن يَعْرِفَها⁣(⁣٣) بتلك الجهة؛ لتعذر معرفتها بغيرها، أو تعسرها؛ لأن الكثرة إن لم تكن محصورة لزم أن يستغرق أوقاته في تحصيل شرط الطلب - أعني تصور المطلوب - فيفوته ما يعنيه، ويضيع وقته فيما لا يعنيه، وإن كانت محصورة لزم أن يستغرق كثيرا من أوقاته في تحصيل شرط الطلب، فربما لا يسع باقي الوقت لتحصيل المطلوب، أو يمل عن تحصيل الشرط؛ فيتقاعد عن الطلب؛ فيلزمه الأمران⁣(⁣٤).

  فحده اللقبي - وهو العَلَم الذي إذا لوحظ معناه الأصلي أشعر بمدح أو ذم - وهذا يشعر بابتناء الفقه في الدين على مسماه؛ فهو صفة مدح، وخَصَّهُ بالذكر دون الإضافي؛ لأنه المقصود الأهم هنا، فقال:

  (هو) أي: علم أصول الفقه، يطلق تارة على المعلومات - أي: القواعد المذكورة - وهو اصطلاح أكثر أصحابنا وأبي الحسين، وتارة على العلم بها، وهو اصطلاح أكثر الأشعرية والمصنف.

  (علم) جنس يشمل كل علم، بمعنى الملَكَة.

  (بقواعد) أي: بسبب معرفة قواعد⁣(⁣٥) إن كانت الباء سببية، أو علم القواعد


(١) من المسائل المخصوصة المدونة.

(٢) يعد: خبر إن.

(٣) في نسخة: أن يُعَرِّفها.

(٤) الأمران هما قوله: «فربما لا يسع باقي الوقت لتحصيل المطلوب»، وقوله: «أو يمل عن تحصيل الشرط ..» إلخ.

(٥) فالباء سببية على حذف مضاف، قال في جواهر التحقيق: ذهب جمهور الشارحين إلى أن المراد بالعلم المذكور في حد أصول الفقه: الاعتقاد الجازم المطابق للقواعد؛ لظهور أن الظن لا يكفي في =