[تقسيم آخر للحقيقة من حيث التعدد وعدمه]
  (فمترادفة) يقع كل منها مكان الآخر، إلا فيما كنا مُتَعبَّدين بلفظه(١). والترادف في الأصل: التتابع، ومنه: الرَّدِفان لِلَّيل والنهار.
  وهو واقع عند الأكثر. وفائدته التوسعة المقصودة لكثرة الذرائع في المقصود؛ فتكون أفضى إليه، ولِتَيْسِير(٢) النظم والنثر(٣) والتجنيس(٤)؛ إذ قد يصلح أحدهما للقافية والفاصلة دون الآخر، وغير ذلك.
  وخَالفَ في وقوعه ثعلب وابن فارس، قالا: وما يُظن من المترادف فإنه متباين بالنظر إلى أصل الاشتقاق، وسبب الظن إطلاقهما على ذات واحدة، كالحنطة، والقمح، فالحنطة اسم الذات، والقمح صفة لها، يقال: قامحت الناقة، إذا رفعت رأسها، سمي به هذا الحب لأنه أرفع الحبوب. وكالأسد والليث، فإن الأسد اسم للذات، والليث صفة له بمعنى كثرة الفساد، يقال: لاث يلوث، إذا أكثر الفساد. وكالإنسان والبشر، فإن الإنسان موضوع له باعتبار الأنس أو النسيان، والبشر باعتبار بادي البشرة. وكالخمر والراح لتغطية العقل والإراحة، وهما من باب صفة الذات وصفة صفتها، وغير ذلك كثير.
  وهذه تكلفات بعيدة لم يقم عليها دليل، ولا يمكن إجراؤها في جميع المواضع(٥)، والله أعلم.
(١) فإنه يجب النطق به لا بمرادفه.
(٢) كقول الحماسي:
كأن ربك لم يخلق لخشيته ... سواهم من جميع الناس إنساناً
فلو عبّر ببشر لم يستقم الروي.
(٣) كقوله: ما أبعد ما فات، وما أقرب ما هو آت، فلو عبر بمضى لما حصل المطلوب.
(٤) كقوله: اشتريت البُرَّ وأنفقته في البِرِّ، فلو عبر بالقمح لفات المطلوب.
(٥) نحو: ما سبق من الأمثلة مثل: صلهب، وشوذب، وبهتر، وبحتر.