شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[مطلق النهي يقتضي الدوام والفور]

صفحة 88 - الجزء 2

  أظهر؛ ولذا قال بالتكرار في الأمر المقيد بمثل ذلك من لم يقل به في المطلق؛ فيقتضي الدوامَ والفورَ إلا لقرينة.

  وقال أبو عبدالله والحاكم وبنى عليه المصنف |: إنه (لا) يقتضي (مقيده)⁣(⁣١) الدوامَ ووجوبَ التكرار، بل الانتهاء مرة، إلا لقرينة تقتضي الاستمرار، وهذا تصريح بمفهوم الصفة من قوله: مطلقُه.

  ويكون عن شيء واحدٍ، وهو ظاهر، أو أشياءَ متعددةٍ؛ إمَّا جمعاً كالحرام المخير، نحو: لا تناول السمك واللبن، ومنه تحريم الجمع بين الأختين، فعليه ترك أحدهما فقط؛ فالمحرم جمعهما لا فعل أحدهما، وهذه المسألة كالواجب المخير، والخلاف في متعلق التحريم كالخلاف في متعلق الوجوب.

  ولا بد في حُسن هذا من إمكان الجمع؛ لئلا يكون النهي⁣(⁣٢) عبثاً، وإمكان الفرق؛ لئلا يكون⁣(⁣٣) تكليفاً بالمحال.

  وإما فرقاً، نحو قوله ÷: «لا يمشين أحدكم في نعل واحدة، لِينتعلْهما معاً، أو لِيخلْعهما معاً» رواه البخاري ومسلم، فإنه يصدق أنه منهي عنهما جميعاً لبساً أو نزعاً من جهة الفرق بينهما في اللبس أو النزع، لا الجمع بينهما فيه.

  ولا بد في حسنه من إمكان الجمع؛ لئلا يكون تكليفاً بالمحال، وإمكان الفرق؛ لئلا يكون عبثاً.

  وإِمَّا جمعاً وفرقاً كالنهي عن الزنا والسرقة، فكلُّ واحد منهما منهيٌّ عنه، ويصدق⁣(⁣٤) بالنظر إليهما معاً، مع أن النهي عن شيء واحد، ويمتنع النهي عن


(١) أي: بشرط أو وقت.

(٢) كالنهي عن الجمع بين القيام والقعود؛ وإنما كان عبثاً لأنه يجري مجرى نهي الهاوي من شاهق عن الاستقرار. سيلان.

(٣) فلو لم يمكنه إلا الجمع بينهما كان تكليفاً بالمحال، نحو: اركع ولا تجمع بين الحركة والاعتماد. سيلان.

(٤) عبارة شرح الغاية: يصدق بالنظر إليهما معاً أن النهي عن متعدد وإن كان بالنظر إلى كل واحد =