[التأويل البعيد]
  تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء}[التوبة ٦٠] ببيان أن كل صنف مصرف على انفراده(١)؛ إذ لم يقصد وجوب التشريك كما زعم الجويني، وإنما كان هذا تأويلاً لأن اللفظ يقتضي التشريك بين جميعهم؛ إذ الواو للجمع، والمعنى(٢) يقتضي إيثار ذوي الحاجة؛ إذ المقصود سد الخلة(٣)، والتعداد لبيان المصرف لا للتشريك، فغلب جانب المعنى على جانب اللفظ. ذكر معناه في حاشية الفصول عن نهاية المجتهد.
[التأويل البعيد]
  (و) قد يكون (بعيداً) وبعده بحسب خفاء العلاقة (فيحتاج) لبعده (إلى) المرجح (الأقوى) ولا يرجح بالأدنى، من ذلك تأويل أصحابنا والحنفية حديث أن غيلان أسلم وتحته عشر نسوة فقال له رسول الله ÷: «أمسك أربعاً وفارق سائرهن» رواه الشافعي عن الثقة عن معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه، وابن حبان والترمذي وابن ماجه، كلهم من طريق معمر، وفيه(٤) مقال لأهل الحديث - بأن المراد بالأربع: الأوائل إن تزوجهن مرتباً، أو بأن المراد بالإمساك: ابتداء النكاح إن جمعهن عقد.
  وإنما كان بعيداً لأن غيلان كان متجدد الإسلام لا يعرف شيئاً من أحكامه،
(١) فيجوز صرفها فيه ولا يجب صرفها في كل الأصناف.
(٢) أي: العلة.
(٣) أي: الحاجة.
(٤) قال الترمذي: قال البخاري: هذا الحديث غير محفوظ، والمحفوظ ما رواه شعيب عن الزهري قال: حدثت عن محمد بن سويد الثقفي أن غيلان أسلم ... الحديث، وأما حديث الزهري عن سالم عن أبيه فإنما هو: أن رجلاً من ثقيف طلق نساءه فقال له عمر: لتراجعن نساءك أو لأرجمنك [لأنه طلقهن وبقين عنده]، وحكم مسلم على معمر بالوهم فيه، وقال ابن عبد البر: طرقه كلها معلولة.