شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

فصل في ذكر المنحرفين عن علي #

صفحة 80 - الجزء 4

  علي # نحن وآل أبي سفيان قوم تعادوا في الأمر، والأمر يعود كما بدا.

  قلت: وقد ذكرنا نحن في تلخيص نقض السفيانية ما فيه كفاية في هذا الباب.

  وروى صاحب كتاب الغارات: عن أبي صادق عن جندب بن عبد الله قال: ذكر المغيرة بن شعبة عند علي # وجده مع معاوية قال: وما المغيرة، إنما كان إسلامه لفجرة وغدرة غدرها بنفر من قومه فتك بهم وركبها منهم، فهرب منهم فأتى النبي ÷، كالعائذ بالإسلام، والله ما رأى أحد عليه منذ ادعى الإسلام خضوعا ولا خشوعا، ألا وإنه يكون من ثقيف فراعنة قبل يوم القيامة يجانبون الحق ويسعرون نيران الحرب ويوازرون الظالمين، ألا إن ثقيفا قوم غدر لا يوفون بعهد يبغضون العرب، كأنهم ليسوا منهم ولرب صالح قد كان منهم، فمنهم عروة بن مسعود، وأبو عبيد بن مسعود المستشهد يوم قس الناطف، وإن الصالح في ثقيف لغريب.

  قال شيخنا أبو القاسم البلخي من المعلوم الذي لا ريب فيه لاشتهار الخبر به، وإطباق الناس عليه أن الوليد بن عقبة بن أبي معيط كان يبغض عليا ويشتمه، وأنه هو الذي لاحاه في حياة رسول الله ÷ ونابذه، وقال له: أنا أثبت منك جنانا وأحد سنانا، فقال له علي #: اسكت يا فاسق، فأنزل الله تعالى فيهما: {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ ١٨}⁣[السجدة: ١٨] الآيات المتلوة، وسمي الوليد بحسب ذلك في حياة رسول الله ÷ الفاسق، فكان لا يعرف إلا بالوليد الفاسق.