شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

باب لزوم ما لا يلزم وإيراد أمثلة منه

صفحة 141 - الجزء 1

  وأهله الأدنين من بني هاشم لا سيما عليا # أنعموا على الخلق كافة بنعمة لا يقدر قدرها، وهي الدعاء إلى الإسلام والهداية إليه فمحمد ÷ وإن كان هدى الخلق بالدعوة التي قام بها بلسانه ويده ونصره الله تعالى له بملائكته وتأييده، وهو السيد المتبوع والمصطفى المنتجب الواجب الطاعة إلا أن لعلي # من الهداية أيضا، وإن كان ثانيا لأول ومصليا على إثر سابق ما لا يجحد ولو لم يكن إلا جهاده بالسيف أولا وثانيا، وما كان بين الجهادين من نشر العلوم وتفسير القرآن وإرشاد العرب إلى ما لم تكن له فاهمة ولا متصورة لكفى في وجوب حقه وسبوغ نعمته #.

  فإن قيل لا ريب في أن كلامه هذا تعريض بمن تقدم عليه، فأي نعمة له عليهم؟ قيل نعمتان: الأولى منهما: الجهاد عنهم وهم قاعدون، فإن من أنصف علم أنه لو لا سيف علي # لاصطلم المشركون من أشار إليه وغيرهم من المسلمين، وقد علمت آثاره في بدر، وأحد، والخندق، وخيبر، وحنين، وأن الشرك فيها فغرفاه، فلولا أن سده بسيفه لالتهم المسلمين كافة، والثانية: علومه التي لولاه لحكم بغير الصواب في كثير من الأحكام، وقد اعترف عمر له بذلك والخبر مشهور لولا علي لهلك عمر.

  ويمكن أن يخرج كلامه على وجه آخر وذلك أن العرب تفضل القبيلة التي منها الرئيس الأعظم على سائر القبائل وتفضل الأدنى منه نسبا، فالأدنى على سائر آحاد تلك القبيلة فإن بني دارم يفتخرون بحاجب وإخوته وبزرارة أبيهم على سائر بني تميم، ويسوغ للواحد من أبناء بني دارم أن يقول: لا يقاس ببني دارم أحد من بني تميم ولا يستوي بهم من جرت رئاستهم عليه أبدا، ويعني بذلك أن واحدا من بني دارم قد رأس على بني تميم فكذلك لما كان رسول الله ÷ رئيس الكلّ