شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

أمر المهاجرين والأنصار بعد بيعة أبي بكر

صفحة 33 - الجزء 6

  فلا تقطعن يا عمرو ما كان بيننا ... ولا تحملن يا عمرو بعضا على بعض

  أتنسى لهم يا عمرو ما كان منهم ... ليالي جئناهم من النفل والفرض

  وقسمتنا الأموال كاللحم بالمدى ... وقسمتنا الأوطان كل به يقضي

  ليالي كل الناس بالكفر جهرة ... ثقال علينا مجمعون على البغض

  فساووا وآووا وانتهينا إلى المنى ... وقر قرارانا من الأمن والخفض

  قال الزبير ثم إن رجالا من سفهاء قريش ومثيري الفتن منهم اجتمعوا إلى عمرو بن العاص فقالوا له إنك لسان قريش ورجلها في الجاهلية والإسلام فلا تدع الأنصار وما قالت وأكثروا عليه من ذلك فراح إلى المسجد وفيه ناس من قريش وغيرهم فتكلم وقال إن الأنصار ترى لنفسها ما ليس لها وايم الله لوددت أن الله خلى عنا وعنهم وقضى فيهم وفينا بما أحب ولنحن الذين أفسدنا على أنفسنا أحرزناهم عن كل مكروه وقدمناهم إلى كل محبوب حتى أمنوا المخوف فلما جاز لهم ذلك صغروا حقنا ولم يراعوا ما أعظمنا من حقوقهم.

  ثم التفت فرأى الفضل بن العباس بن عبد المطلب وندم على قوله للخئولة التي بين ولد عبد المطلب وبين الأنصار ولأن الأنصار كانت تعظم عليا وتهتف باسمه حينئذ فقال الفضل يا عمرو إنه ليس لنا أن نكتم ما سمعنا منك وليس لنا أن نجيبك وأبو الحسن شاهد بالمدينة إلا أن يأمرنا فنفعل.

  ثم رجع الفضل إلى علي فحدثه فغضب وشتم عمرا وقال آذى الله ورسوله ثم قام فأتى المسجد فاجتمع إليه كثير من قريش وتكلم مغضبا

  فقال يا معشر قريش إن حب الأنصار إيمان وبغضهم نفاق وقد قضوا ما عليهم