شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

أمر المهاجرين والأنصار بعد بيعة أبي بكر

صفحة 34 - الجزء 6

  وبقي ما عليكم واذكروا أن الله رغب لنبيكم عن مكة فنقله إلى المدينة وكره له قريشا فنقله إلى الأنصار ثم قدمنا عليهم دارهم فقاسمونا الأموال وكفونا العمل فصرنا منهم بين بذل الغني وإيثار الفقير ثم حاربنا الناس فوقونا بأنفسهم وقد أنزل الله تعالى فيهم آية من القرآن جمع لهم فيها بين خمس نعم فقال {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ٩}⁣[الحشر: ٩].

  ألا وإن عمرو بن العاص قد قام مقاما آذى فيه الميت والحي ساء به الواتر وسر به الموتور فاستحق من المستمع الجواب ومن الغائب المقت وإنه من أحب الله ورسوله أحب الأنصار فليكفف عمرو عنا نفسه.

  قال الزبير فمشت قريش عند ذلك إلى عمرو بن العاص فقالوا أيها الرجل أما إذا غضب علي فاكفف.

  وقال خزيمة بن ثابت الأنصاري يخاطب قريشا

  أيا لقريش أصلحوا ذات بيننا ... وبينكم قد طال حبل التماحك

  فلا خير فيكم بعدنا فارفقوا بنا ... ولا خير فينا بعد فهر بن مالك

  كلانا على الأعداء كف طويلة ... إذا كان يوم فيه جب الحوارك

  فلا تذكروا ما كان منا ومنكم ... ففي ذكر ما قد كان مشي التساوك

  قال الزبير وقال علي للفضل يا فضل انصر الأنصار بلسانك ويدك فإنهم منك وإنك منهم فقال الفضل

  قلت يا عمرو مقالا فاحشا ... إن تعد يا عمرو والله فلك