القول في أحكام النجوم
  ومثال الطريق الذي فيه الآبار الزمان الذي مضى ومر على الخلق أجمعين ومثال آباره مصائبه ومحنه.
  وقد كان يجب لو صح علم أحكام النجوم أن سلامة المنجمين أكثر ومصائبهم أقل لأنهم يتوقون المحن ويتخطونها لعلمهم بها قبل كونها وأن تكون محن المعرضين عن علم أحكام النجوم على كثرتهم أوفر وأظهر حتى تكون سلامة كل واحد منهم هي الطريقة الغريبة والمعلوم خلاف ذلك فإن السلامة والمحن في الجميع متقاربة متناسبة غير متفاوتة.
  وأما البحث الحكمي في هذا الموضع فهو أن الحادث في عالم العناصر عند حلول الكوكب المخصوص في البرج المخصوص إما أن يكون المقتضي له مجرد ذلك الكوكب أو مجرد ذلك البرج أو حلول ذلك الكوكب في ذلك البرج فالأولان باطلان وإلا لوجب أن يحدث ذلك الأمر قبل أن يحدث والثالث باطل أيضا لأنه إما أن يكون ذلك البرج مساويا لغيره من البروج في الماهية أو مخالفا والأول يقتضي حدوث ذلك الحادث حال ما كان ذلك الكوكب حالا في غيره من البروج لأن حكم الشيء حكم مثله والثاني يقتضي كون كرة البروج متخالفة الأجزاء في أنفسها ويلزم في ذلك كونها مركبة وقد قامت الدلالة على أنه لا شيء من الأفلاك بمركب.
  وقد اعترض على هذا الدليل بوجهين أحدهما أنه لم لا يجوز أن تختلف أفعال الكواكب المتحيرة عند حلولها في البروج لا لاختلاف البروج في نفسها بل لاختلاف ما في تلك البروج من الكواكب الثابتة المختلفة الطبائع.
  الوجه الثاني لم لا يجوز أن يقال الفلك التاسع مكوكب بكواكب صغار لا نراها