القول في عصمة الأنبياء
  {قَالَ أَسْلَمْتُ}[البقرة: ١٣١] إنه أسلم يومئذ ولم يكن من قبل ذلك مسلما ومثل ذلك قال اليمان بن رباب متكلم الخوارج.
  وحكى كثير من أرباب المقالات عن شيخنا أبي الهذيل وأبي علي جواز أن يبعث الله تعالى من قد ارتكب كبيرة قبل البعثة ولم أجد في كتب أصحابنا حكاية هذا المذهب عن الشيخ أبي الهذيل ووجدته عن أبي علي ذكره أبو محمد بن متويه في كتاب الكفاية فقال منع أهل العدل كلهم من تجويز بعثة من كان فاسقا قبل النبوة إلا ما جرى في كلام الشيخ أبي علي ¦ من ثبوت فصل بين البعثة وقبلها فأجاز أن يكون قبل البعثة مرتكبا لكبيرة ثم يتوب فيبعثه الله تعالى حينئذ وهو مذهب محكي عن عبد الله بن العباس الرامهرمزي ثم قال الشيخ أبو محمد ¦ والصحيح من قول أبي علي ¦ مثل ما نختاره من التسوية بين حال البعثة وقبلها في المنع من جواز ذلك.
  وقال قوم من الأشعرية ومن أهل الظاهر وأرباب الحديث إن ذلك جائز واقع واستدلوا بأحوال إخوة يوسف ومنع المانعون من ذلك من ثبوت نبوة إخوة يوسف ثم هؤلاء المجوزون منهم من جوز عليهم فعل الكبائر مطلقا ومنهم من جوز ذلك على سبيل الندرة ثم يتوبون عنه ويشتهر حالهم بين الخلق بالصلاح فأما لو فرضنا إصرارهم على الكبائر بحيث يصيرون مشهورين بالفسق والمعاصي فإن ذلك لا يجوز لأنه يفوت الغرض من إرسالهم ونبوتهم على هذا التقدير.
  وقالت الإمامية لا يجوز أن يبعث الله تعالى نبيا قد وقع منه قبيح قبل النبوة