شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

القول في عصمة الأنبياء

صفحة 16 - الجزء 7

  حمار قال لعمرو البليد هذا حمار والقياس على المجاز الذي اختلف الأصوليون في جوازه خارج عن هذا الموضع.

  ومثال المسألة الأصولية المختلف فيها {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ}⁣[الإسراء: ٢٤] هل يجوز أن يقال طأطئ لهما عنق الذل.

  وأما قوله لو سلمنا أنه حقيقة في تارك الندب لم يجز إطلاقه في حق الأنبياء لأنه يوهم العصيان بل يجب أن يقيد.

  فيقال له لكن البارئ سبحانه أطلقه ولم يقيده في قوله {وَعَصَى آدَمُ}⁣[طه: ١٢١] فيلزمك أن يكون تعالى موهما وفاعلا للقبيح لأن إيهام القبيح قبيح.

  فإن قال الدلالة العقلية على استحالة المعاصي على الأنبياء تؤمن من الإيهام.

  قيل له وتلك الدلالة بعينها تؤمن من الإيهام في قول القائل الأنبياء عصاة فهلا أجزت إطلاق ذلك.

  وثانيها أنه تعالى قال {فَغَوَى ١٢١}⁣[طه: ١٢١] والغي الضلال.

  قال المرتضى ¦ معنى غوى هاهنا خاب لأنه نعلم أنه لو فعل ما ندب إليه من ترك التناول من الشجرة لاستحق الثواب العظيم فإذا خالف الأمر ولم يصر إلى ما ندب إليه فقد خاب لا محالة من حيث لم يصر إلى الثواب الذي كان يستحقه بالامتناع ولا شبهه في أن لفظ غوى يحتمل الخيبة قال الشاعر

  فمن يلق خيرا يحمد الناس أمره ... ومن يغو لا يعدم على الغي لائما