شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

106 - ومن كلام له # في بعض أيام صفين

صفحة 179 - الجزء 7

١٠٦ - ومن كلام له # في بعض أيام صفين

  وَ قَدْ رَأَيْتُ جَوْلَتَكُمْ وَاِنْحِيَازَكُمْ عَنْ صُفُوفِكُمْ تَحُوزُكُمُ اَلْجُفَاةُ اَلطَّغَامُ وَأَعْرَابُ أَهْلِ اَلشَّامِ وَأَنْتُمْ لَهَامِيمُ اَلْعَرَبِ وَيَآفِيخُ اَلشَّرَفِ وَاَلْأَنْفُ اَلْمُقَدَّمُ وَاَلسَّنَامُ اَلْأَعْظَمُ وَلَقَدْ شَفَى وَحَاوِحَ صَدْرِي أَنْ رَأَيْتُكُمْ بِأَخَرَةٍ تَحُوزُونَهُمْ كَمَا حَازُوكُمْ وَتُزِيلُونَهُمْ عَنْ مَوَاقِفِهِمْ كَمَا أَزَالُوكُمْ حَسّاً بِالنِّصَالِ وَشَجْراً بِالرِّمَاحِ تَرْكَبُ أُوْلاَهُمْ أُخْرَاهُمْ كَالْإِبِلِ اَلْهِيمِ اَلْمَطْرُودَةِ تُرْمَى عَنْ حِيَاضِهَا وَتُذَادُ عَنْ مَوَارِدِهَا جولتكم هزيمتكم فأجمل في اللفظ وكنى عن اللفظ المنفر عادلا عنه إلى لفظ لا تنفير فيه كما قال تعالى {كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ}⁣[المائدة: ٧٥] قالوا هو كناية عن إتيان الغائط وإجمال في اللفظ.

  وكذلك قوله وانحيازكم عن صفوفكم كناية عن الهرب أيضا وهو من قوله تعالى {إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ}⁣[الأنفال: ١٦].