ذكر أطراف مما شجر بين علي وعثمان في أثناء خلافته
  اتهمت نفسك للناس اتهم الناس أنفسهم لك ولو أنك نزلت مما رقيت وارتقوا مما نزلوا فأخذت منهم وأخذوا منك ما كان بذلك بأس قال عثمان فذلك إليك يا خال وأنت بيني وبينهم قال أفأذكر لهم ذلك عنك قال نعم وانصرف فما لبثنا أن قيل هذا أمير المؤمنين قد رجع بالباب قال أبي ائذنوا له فدخل فقام قائما ولم يجلس وقال لا تعجل يا خال حتى أوذنك فنظرنا فإذا مروان بن الحكم كان جالسا بالباب ينتظره حتى خرج فهو الذي ثناه عن رأيه الأول فأقبل علي أبي وقال يا بني ما إلى هذا من أمره شيء ثم قال يا بني أملك عليك لسانك حتى ترى ما لا بد منه ثم رفع يديه فقال اللهم اسبق بي ما لا خير لي في إدراكه فما مرت جمعة حتى مات |.
  وروى أبو العباس المبرد في الكامل عن قنبر مولى علي # قال دخلت مع علي على عثمان فأحبا الخلوة فأومأ إلي علي # بالتنحي فتنحيت غير بعيد فجعل عثمان يعاتبه وعلي مطرق فأقبل عليه عثمان وقال ما لك لا تقول قال إن قلت لم أقل إلا ما تكره وليس لك عندي إلا ما تحب.
  قال أبو العباس تأويل ذلك إن قلت اعتددت عليك بمثل ما اعتددت به علي فلذعك عتابي وعقدي ألا أفعل وإن كنت عاتبا إلا ما تحب.
  وعندي فيه تأويل آخر وهو أني إن قلت واعتذرت فأي شيء حسنته من الأعذار لم يكن ذلك عندك مصدقا ولم يكن إلا مكروها غير مقبول والله تعالى يعلم أنه ليس لك عندي في باطني وما أطوي عليه جوانحي إلا ما تحب وإن كنت لا تقبل المعاذير التي أذكرها بل تكرهها وتنبو نفسك عنها.