16 - ومن خطبة له # لما بويع بالمدينة
  الذمة العقد والعهد يقول هذا الدين في ذمتي، كقولك في عنقي وهما كناية عن الالتزام والضمان والتقلد والزعيم الكفيل، ومخرج الكلام لهم مخرج الترغيب في سماع ما يقوله، كما يقول: المهتم بإيضاح أمر لقوم لهم أنا المدرك المتقلد بصدق ما أقوله لكم، وصرحت كشفت والعبر جمع عبرة، وهي: الموعظة والمثلات العقوبات وحجزه منعه.
  وقوله لتبلبلن، أي: لتخلطن تبلبلت الألسن، أي: اختلطت ولتغربلن يجوز أن يكون من الغربال الذي يغربل به الدقيق، ويجوز أن يكون من غربلت اللحم، أي: قطعته فإن كان الأول كان له معنيان أحدهما الاختلاط كالتبلبل؛ لأن غربلة الدقيق تخلط بعضه ببعض، والثاني: أن يريد بذلك أنه يستخلص الصالح منكم من الفاسد ويتميز كما يتميز الدقيق عند الغربلة من نخالته.
  وتقول: ما عصيت فلانا وشمة، أي: كلمة وحصان شموس يمنع ظهره شمس الفرس بالفتح وبه شماس، وأمر الباطل كثر.
  وقوله لقديما فعل، أي: لقديما فعل الباطل ذلك ونسب الفعل إلى الباطل مجازا، ويجوز أن يكون فعل بمعنى انفعل كقوله:
  قد جبر الدين الإله فجبر
  أي: فانجبر والسنخ الأصل، وقوله سنخ أصل كقوله:
  إذا حاص عينيه كرى النوم
  وفي بعض الروايات من أبدى صفحته للحق هلك عند جهلة الناس والتأويل مختلف، فمراده على الرواية الأولى، وهي الصحيحة من كاشف الحق مخاصما له هلك