شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

16 - ومن خطبة له # لما بويع بالمدينة

صفحة 274 - الجزء 1

  الذمة العقد والعهد يقول هذا الدين في ذمتي، كقولك في عنقي وهما كناية عن الالتزام والضمان والتقلد والزعيم الكفيل، ومخرج الكلام لهم مخرج الترغيب في سماع ما يقوله، كما يقول: المهتم بإيضاح أمر لقوم لهم أنا المدرك المتقلد بصدق ما أقوله لكم، وصرحت كشفت والعبر جمع عبرة، وهي: الموعظة والمثلات العقوبات وحجزه منعه.

  وقوله لتبلبلن، أي: لتخلطن تبلبلت الألسن، أي: اختلطت ولتغربلن يجوز أن يكون من الغربال الذي يغربل به الدقيق، ويجوز أن يكون من غربلت اللحم، أي: قطعته فإن كان الأول كان له معنيان أحدهما الاختلاط كالتبلبل؛ لأن غربلة الدقيق تخلط بعضه ببعض، والثاني: أن يريد بذلك أنه يستخلص الصالح منكم من الفاسد ويتميز كما يتميز الدقيق عند الغربلة من نخالته.

  وتقول: ما عصيت فلانا وشمة، أي: كلمة وحصان شموس يمنع ظهره شمس الفرس بالفتح وبه شماس، وأمر الباطل كثر.

  وقوله لقديما فعل، أي: لقديما فعل الباطل ذلك ونسب الفعل إلى الباطل مجازا، ويجوز أن يكون فعل بمعنى انفعل كقوله:

  قد جبر الدين الإله فجبر

  أي: فانجبر والسنخ الأصل، وقوله سنخ أصل كقوله:

  إذا حاص عينيه كرى النوم

  وفي بعض الروايات من أبدى صفحته للحق هلك عند جهلة الناس والتأويل مختلف، فمراده على الرواية الأولى، وهي الصحيحة من كاشف الحق مخاصما له هلك