150 - ومن خطبة له # ويومئ فيها إلى الملاحم
  بالجربزة والغباوة والشجاعة التي هي محبوسة بالتهور والجبن والجود المحبوس بالتبذير والشح فمن لم يقع على الطريق الوسطى وأخذ يمينا وشمالا فقد ضل.
  ثم فسر قوله أخذ يمينا وشمالا فقال ظعنوا ظعنا في مسالك الغي وتركوا مذاهب الرشد تركا ونصب تركا وظعنا على المصدرية والعامل فيهما من غير لفظهما وهو قوله أخذوا.
  ثم نهاهم عن استعجال ما هو معد ولا بد من كونه ووجوده وإنما سماه كائنا لقرب كونه كما قال تعالى {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ٣٠}[الزمر: ٣٠] ونهاهم أن يستبطئوا ما يجيء في الغد لقرب وقوعه كما قال:
  وإن غدا للناظرين قريب
  وقال الآخر
  غد ما غد ما أقرب اليوم من غد
  وقال تعالى {إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ ٨١}[هود: ٨١].
  ثم قال كم من مستعجل أمرا ويحرص عليه فإذا حصل ود أنه لم يحصل قال أبو العتاهية:
  من عاش لاقى ما يسوء ... من الأمور وما يسر
  ولرب حتف فوقه ... ذهب وياقوت ودر
  وقال آخر:
  فلا تتمنين الدهر شيئا ... فكم أمنية جلبت منية