شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

153 - ومن خطبة له #

صفحة 162 - الجزء 9

  قد استوثقوا من هذه الأموال بالأبواب والأقفال فلسنا نطمع في استخراجها إلا بما سمعت فقال يا هذا أمسك عليك فإن ذا الوجهين خليق ألا يكون وجيها عند الله غدا.

  ثم أمر # بأن يعقل ما قاله ويعلم باطن خطابه وإنما رمز بباطن هذا الكلام إلى الرؤساء يوم الجمل لأنهم حاولوا أن يشفوا غيظهم بإهلاكه وإهلاك غيره من المسلمين وعروه # بأمر هم فعلوه وهو التأليب على عثمان وحصره واستنجحوا حاجتهم إلى أهل البصرة بإظهار البدعة والفتنة ولقوا الناس بوجهين ولسانين لأنهم بايعوه وأظهروا الرضا به ثم دبوا له الخمر فجعل ذنوبهم هذه مماثلة للشرك بالله سبحانه في أنها لا تغفر إلا بالتوبة وهذا هو معنى قوله اعقل ذلك فإن المثل دليل على شبهه وروي فإن المثل واحد الأمثال أي هذا الحكم بعدم المغفرة لمن أتى شيئا من هذه الأشياء عام والواحد منها دليل على ما يماثله ويشابهه.

  فإن قلت فهذا تصريح بمذهب الإمامية في طلحة والزبير وعائشة.

  قلت كلا فإن هذه الخطبة خطب بها وهو سائر إلى البصرة ولم تقع الحرب إلا بعد تعدد الكبائر ورمز فيها إلى المذكورين وقال إن لم يتوبوا وقد ثبت أنهم تابوا والأخبار عنهم بالتوبة كثيرة مستفيضة.

  ثم أراد # أن يومئ إلى ذكر النساء للحال التي كان وقع إليها من استنجاد أعدائه بامرأة فذكر قبل ذكر النساء أنواعا من الحيوان تمهيدا لقاعدة ذكر النساء فقال إن البهائم همها بطونها كالحمر والبقر والإبل والغنم وإن السباع همها العدوان