شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

فصل في ترجمة عائشة وذكر طرف من أخبارها

صفحة 193 - الجزء 9

  إن الحماة أولعت بالكنة ... وأولعت كنتها بالظنة

  ثم اتفق أن رسول الله ÷ مال إليها وأحبها فازداد ما عند فاطمة بحسب زيادة ميله وأكرم رسول الله ÷ فاطمة إكراما عظيما أكثر مما كان الناس يظنونه وأكثر من إكرام الرجال لبناتهم حتى خرج بها عن حد حب الآباء للأولاد فقال بمحضر الخاص والعام مرارا لا مرة واحدة وفي مقامات مختلفة لا في مقام واحد إنها سيدة نساء العالمين وإنها عديلة مريم بنت عمران وإنها إذا مرت في الموقف نادى مناد من جهة العرش يا أهل الموقف غضوا أبصاركم لتعبر فاطمة بنت محمد وهذا من الأحاديث الصحيحة وليس من الأخبار المستضعفة وإن إنكاحه عليا إياها ما كان إلا بعد أن أنكحه الله تعالى إياها في السماء بشهادة الملائكة وكم قال لا مرة يؤذيني ما يؤذيها ويغضبني ما يغضبها وإنها بضعة مني يريبني ما رابها فكان هذا وأمثاله يوجب زيادة الضغن عند الزوجة حسب زيادة هذا التعظيم والتبجيل والنفوس البشرية تغيظ على ما هو دون هذا فكيف هذا.

  ثم حصل عند بعلها ما هو حاصل عندها أعني عليا # فإن النساء كثيرا ما يجعلن الأحقاد في قلوب الرجال لا سيما وهن محدثات الليل كما قيل في المثل وكانت تكثر الشكوى من عائشة ويغشاها نساء المدينة وجيران بيتها فينقلن إليها كلمات عن عائشة ثم يذهبن إلى بيت عائشة فينقلن إليها كلمات عن فاطمة وكما كانت فاطمة تشكو إلى بعلها كانت عائشة تشكو إلى أبيها لعلمها أن بعلها لا يشكيها على ابنته فحصل في نفس أبي بكر من ذلك أثر ما ثم تزايد تقريظ رسول الله ÷