فصل في ترجمة عائشة وذكر طرف من أخبارها
  لِلْغَاوِينَ وَإِنَّ اَلْخَلْقَ لاَ مَقْصَرَ لَهُمْ عَنِ اَلْقِيَامَةِ مُرْقِلِينَ فِي مِضْمَارِهَا إِلَى اَلْغَايَةِ اَلْقُصْوَى هو الآن في ذكر الإيمان وعنه قال سبيل أبلج المنهاج أي واضح الطريق.
  ثم قال فبالإيمان يستدل على الصالحات يريد بالإيمان هاهنا مسماه اللغوي لا الشرعي لأن الإيمان في اللغة هو التصديق قال سبحانه {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا}[يوسف: ١٧] أي بمصدق والمعنى أن من حصل عنده التصديق بالوحدانية والرسالة وهما كلمتا الشهادة استدل بهما على وجوب الأعمال الصالحة عليه أو ندبه إليها لأن المسلم يعلم من دين نبيه ÷ أنه أوجب عليه أعمالا صالحة وندبه إلى أعمال صالحة فقد ثبت أن بالإيمان يستدل على الصالحات.
  ثم قال وبالصالحات يستدل على الإيمان فالإيمان هاهنا مستعمل في مسماه الشرعي لا في مسماه اللغوي ومسماه الشرعي هو العقد بالقلب والقول باللسان والعمل بالجوارح فلا يكون المؤمن مؤمنا حتى يستكمل فعل كل واجب ويجتنب كل قبيح ولا شبهة أنا متى علمنا أو ظننا من مكلف أنه يفعل الأفعال الصالحة ويجتنب الأفعال القبيحة استدللنا بذلك على حسن إطلاق لفظ المؤمن عليه وبهذا التفسير الذي فسرناه نسلم من إشكال الدور لأن لقائل أن يقول من شرط الدليل أن يعلم قبل العلم بالمدلول فلو كان كل واحد من الإيمان والصالحات يستدل به على الآخر لزم تقدم العلم بكل واحد منهما على العلم بكل واحد منهما فيؤدي إلى الدور ولا شبهة أن هذا الدور غير لازم على التفسير الذي فسرناه نحن.