161 - ومن خطبة له #
  ثم عاد إلى الرجاء فقال يرجو هذا الإنسان الله في الكثير أي يرجو رحمته في الآخرة ولا يتعلق رجاؤه بالله تعالى إلا في هذا الموضع فأما ما عدا ذلك من أمور الدنيا كالمكاسب والأموال والجاه والسلطان واندفاع المضار والتوصل إلى الأغراض بالشفاعات والتوسلات فإنه لا يخطر له الله تعالى ببال بل يعتمد في ذلك على السفراء والوسطاء ويرجو حصول هذه المنافع ودفع هذه المضار من أبناء نوعه من البشر فقد أعطى العباد من رجائه ما لم يعطه الخالق سبحانه فهو مخطئ لأنه إما ألا يكون هو في نفسه صالحا لأن يرجوه سبحانه وإما ألا يكون البارئ تعالى في نفسه صالحا لأن يرجى فإن كان الثاني فهو كفر صراح وإن كان الأول فالعبد مخطئ حيث لم يجعل نفسه مستعدا لفعل الصالحات لأن يصلح لرجاء البارئ سبحانه.
  ثم انتقل # إلى الخوف فقال وكذلك إن خاف هذا الإنسان عبدا مثله خافه أكثر من خوفه البارئ سبحانه لأن كثيرا من الناس يخافون السلطان وسطوته أكثر من خوفهم مؤاخذة البارئ سبحانه وهذا مشاهد ومعلوم من الناس فخوف بعضهم من بعض كالنقد المعجل وخوفهم من خالقهم ضمار ووعد والضمار ما لا يرجى من الوعود والديون قال الراعي:
  حمدن مزاره وأصبن منه ... عطاء لم يكن عدة ضمارا
  ثم قال وكذلك من عظمت الدنيا في عينه يختارها على الله ويستعبده حبها ويقال كبر بالضم يكبر أي عظم فهو كبير وكبار بالتخفيف فإذا أفرط قيل