شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

166 - ومن خطبة له # يذكر فيها عجيب خلقة الطاوس

صفحة 278 - الجزء 9

  مِنْهَا فِي صِفَةِ اَلْجَنَّةِ فَلَوْ رَمَيْتَ بِبَصَرِ قَلْبِكَ نَحْوَ مَا يُوصَفُ لَكَ مِنْهَا لَعَزَفَتْ نَفْسُكَ عَنْ بَدَائِعِ مَا أُخْرِجَ إِلَى اَلدُّنْيَا مِنْ شَهَوَاتِهَا وَلَذَّاتِهَا وَزَخَارِفِ مَنَاظِرِهَا وَلَذَهِلَتْ بِالْفِكْرِ فِي اِصْطِفَافِ اِصْطِفَاقِ أَشْجَارٍ غُيِّبَتْ عُرُوقُهَا فِي كُثْبَانِ اَلْمِسْكِ عَلَى سَوَاحِلِ أَنْهَارِهَا وَفِي تَعْلِيقِ كَبَائِسِ اَللُّؤْلُؤِ اَلرَّطْبِ فِي عَسَالِيجِهَا وَأَفْنَانِهَا وَطُلُوعِ تِلْكَ اَلثِّمَارِ مُخْتَلِفَةً فِي غُلُفِ أَكْمَامِهَا تُجْنَى مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ فَتَأْتِي عَلَى مُنْيَةِ مُجْتَنِيهَا وَيُطَافُ عَلَى نُزَّالِهَا فِي أَفْنِيَةِ قُصُورِهَا بِالْأَعْسَالِ اَلْمُصَفَّقَةِ وَاَلْخُمُورِ اَلْمُرَوَّقَةِ قَوْمٌ لَمْ تَزَلِ اَلْكَرَامَةُ تَتَمَادَى بِهِمْ حَتَّى حَلُّوا دَارَ اَلْقَرَارِ وَأَمِنُوا نُقْلَةَ اَلْأَسْفَارِ فَلَوْ شَغَلْتَ قَلْبَكَ أَيُّهَا اَلْمُسْتَمِعُ بِالْوُصُولِ إِلَى مَا يَهْجُمُ عَلَيْكَ مِنْ تِلْكَ اَلْمَنَاظِرِ اَلْمُونِقَةِ لَزَهِقَتْ نَفْسُكَ شَوْقاً إِلَيْهَا وَلَتَحَمَّلْتَ مِنْ مَجْلِسِي هَذَا إِلَى مُجَاوَرَةِ أَهْلِ اَلْقُبُورِ اِسْتِعْجَالاً بِهَا جَعَلَنَا اَللَّهُ وَإِيَّاكُمْ مِمَّنْ يَسْعَى بِقَلْبِهِ إِلَى مَنَازِلِ اَلْأَبْرَارِ بِرَحْمَتِهِ قال الرضي ¦ تفسير بعض ما في هذه الخطبة من الغريب قوله # يؤر بملاقحه الأر كناية عن النكاح يقال أر الرجل المرأة يؤرها إذا نكحها.

  وقوله # كأنه قلع داري عنجه نوتيه القلع شراع السفينة وداري منسوب إلى دارين وهي بلدة على البحر يجلب منها الطيب وعنجه أي عطفه يقال عنجت الناقة أعنجها عنجا إذا عطفتها والنوتي الملاح.