شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

189 - ومن خطبة له #

صفحة 176 - الجزء 10

١٨٩ - ومن خطبة له #

  بَعَثَهُ حِينَ لاَ عَلَمٌ قَائِمٌ وَلاَ مَنَارٌ سَاطِعٌ وَلاَ مَنْهَجٌ وَاضِحٌ أُوصِيكُمْ عِبَادَ اَللَّهِ بِتَقْوَى اَللَّهِ وَأُحَذِّرُكُمُ اَلدُّنْيَا فَإِنَّهَا دَارُ شُخُوصٍ وَمَحَلَّةُ تَنْغِيصٍ سَاكِنُهَا ظَاعِنٌ وَقَاطِنُهَا بَائِنٌ تَمِيدُ بِأَهْلِهَا مَيَدَانَ اَلسَّفِينَةِ تَقْصِفُهَا اَلْعَوَاصِفُ فِي لُجَجِ اَلْبِحَارِ فَمِنْهُمُ اَلْغَرِقُ اَلْوَبِقُ وَمِنْهُمُ اَلنَّاجِي عَلَى بُطُونِ اَلْأَمْوَاجِ تَحْفِزُهُ اَلرِّيَاحُ بِأَذْيَالِهَا وَتَحْمِلُهُ عَلَى أَهْوَالِهَا فَمَا غَرِقَ مِنْهَا فَلَيْسَ بِمُسْتَدْرَكٍ وَمَا نَجَا مِنْهَا فَإِلَى مَهْلَكٍ عِبَادَ اَللَّهِ اَلآْنَ فَاعْلَمُوا وَاَلْأَلْسُنُ مُطْلَقَةٌ وَاَلْأَبْدَانُ صَحِيحَةٌ وَاَلْأَعْضَاءُ لَدْنَةٌ وَاَلْمُنْقَلَبُ فَسِيحٌ وَاَلْمَجَالُ عَرِيضٌ قَبْلَ إِرْهَاقِ اَلْفَوْتِ وَحُلُولِ اَلْمَوْتِ فَحَقِّقُوا عَلَيْكُمْ نُزُولَهُ وَلاَ تَنْتَظِرُوا قُدُومَهُ يقول بعث الله سبحانه محمدا ÷ لما لم يبق علم يهتدي به المكلفون لأنه كان زمان الفترة وتبدل المصلحة واقتضاء وجوب اللطف عليه سبحانه تجديدا لبعثته ليعرف المبعوث المكلفين الأفعال التي تقربهم من فعل الواجبات العقلية وتبعدهم عن المقبحات الفعلية.