شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

204 - ومن خطبة له #

صفحة 56 - الجزء 11

  الماء والأرض يقتضيان النزول والهبوط وقعت الممانعة والمدافعة فلزم من ذلك وقوف الماء والأرض في الوسط.

  قالوا ثم إن النار لا تزال يتزايد تأثيرها في إسخان الماء وينضاف إلى ذلك حر الشمس والكواكب إلى أن تبلغ البحار والعنصر المائي غايتهما في الغليان والفوران فيتصاعد بخار عظيم إلى الأفلاك شديد السخونة وينضاف إلى ذلك حر فلك الأثير الملاصق للأفلاك فتذوب الأفلاك كما يذوب الرصاص وتتهافت وتتساقط وتصير كالمهل الشديد الحرارة ونفوس البشر على قسمين أحدهما ما تجوهر وصار مجردا بطريق العلوم والمعارف وقطع العلائق الجسمانية حيث كان مدبرا للبدن والآخر ما بقي على جسمانيته بطريق خلوه من العلوم والمعارف وانغماسه في اللذات والشهوات الجسمانية فأما الأول فإنه يلتحق بالنفس الكلية المجردة ويخلص من دائرة هذا العالم بالكلية وأما الثاني فإنه تنصب عليه تلك الأجسام الفلكية الذائبة فيحترق بالكلية ويتعذب ويلقي آلاما شديدة.

  قالوا هذا هو باطن ما وردت به الرواية من العذاب عليها وخراب العالم والأفلاك وانهدامها.

  ثم نعود إلى شرح الألفاظ قوله # فاستمسكت أي وقفت وثبتت.

  والهاء في حده تعود إلى أمره أي قامت على حد ما أمرت به أي لم تتجاوزه ولا تعدته.

  والأخضر البحر ويسمى أيضا خضارة معرفة غير مصروف والعرب تسميه بذلك إما لأنه يصف لون السماء فيرى أخضر أو لأنه يرى أسود لصفائه فيطلقون عليه لفظ