شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

209 - ومن خطبة له # خطبها بصفين

صفحة 91 - الجزء 11

  في الجنة إلا على قدر الاستحقاق والثواب عندكم هو النفع المقارن للتعظيم والتبجيل فيكف قلت إن مضاعفة الثواب عندنا جائزة.

  قلت مراده # بمضاعفة الثواب هنا زيادة غير مستحقة من النعيم واللذة الجسمانية خاصة في الجنة فسمى تلك اللذة الجسمانية ثوابا لأنها جزء من الثواب فأما اللذة العقلية فلا يجوز مضاعفتها.

  قوله # بما هو من المزيد أهله أي بما هو أهله من المزيد فقدم الجار والمجرور وموضعه نصب على الحال وفيه دلالة على أن حال المجرور تتقدم عليه كما قال الشاعر

  لئن كان برد الماء حران صاديا

  إلي حبيبا إنها لحبيب

  ثُمَّ جَعَلَ سُبْحَانَهُ مِنْ حُقُوقِهِ حُقُوقاً اِفْتَرَضَهَا لِبَعْضِ اَلنَّاسِ عَلَى بَعْضٍ فَجَعَلَهَا تَتَكَافَأُ فِي وُجُوهِهَا وَيُوجِبُ بَعْضُهَا بَعْضاً وَلاَ يُسْتَوْجَبُ بَعْضُهَا إِلاَّ بِبَعْضٍ.

  وَ أَعْظَمُ مَا اِفْتَرَضَ سُبْحَانَهُ مِنْ تِلْكَ اَلْحُقُوقِ حَقُّ اَلْوَالِي عَلَى اَلرَّعِيَّةِ وَحَقُّ اَلرَّعِيَّةِ عَلَى اَلْوَالِي فَرِيضَةٌ فَرَضَهَا اَللَّهُ سُبْحَانَهُ لِكُلٍّ عَلَى كُلٍّ فَجَعَلَهَا نِظَاماً لِأُلْفَتِهِمْ وَعِزّاً لِدِينِهِمْ فَلَيْسَتْ تَصْلُحُ اَلرَّعِيَّةُ إِلاَّ بِصَلاَحِ اَلْوُلاَةِ وَلاَ تَصْلُحُ اَلْوُلاَةُ إِلاَّ بِاسْتِقَامَةِ اَلرَّعِيَّةِ فَإِذَا أَدَّتْ اَلرَّعِيَّةُ إِلَى اَلْوَالِي حَقَّهُ وَأَدَّى اَلْوَالِي إِلَيْهَا حَقَّهَا عَزَّ اَلْحَقُّ بَيْنَهُمْ وَقَامَتْ مَنَاهِجُ اَلدِّينِ وَاِعْتَدَلَتْ مَعَالِمُ اَلْعَدْلِ وَجَرَتْ عَلَى أَذْلاَلِهَا اَلسُّنَنُ فَصَلَحَ بِذَلِكَ اَلزَّمَانُ وَطُمِعَ فِي بَقَاءِ اَلدَّوْلَةِ وَيَئِسَتْ مَطَامِعُ اَلْأَعْدَاءِ.