شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

211 - ومن كلام له #

صفحة 113 - الجزء 11

  وتعلل طائفة أخرى منهم للعدول عنه بصغر سنه واستهجانهم تقديم الشباب على الكهول والشيوخ.

  وتعلل طائفة أخرى منهم بكراهية الجمع بين النبوة والخلافة في بيت واحد فيجفخون على الناس كما قاله من قاله واستصعاب قوم منهم شكيمته وخوفهم تعديه وشدته وعلمهم بأنه لا يداجي ولا يحابي ولا يراقب ولا يجامل في الدين وأن الخلافة تحتاج إلى من يجتهد برأيه ويعمل بموجب استصلاحه وانحراف قوم آخرين عنه للحسد الذي كان عندهم له في حياة رسول الله ÷ لشدة اختصاصه له وتعظيمه إياه وما قال فيه فأكثر من النصوص الدالة على رفعة شأنه وعلو مكانه وما اختص به من مصاهرته وأخوته ونحو ذلك من أحواله معه وتنكر قوم آخرين له لنسبتهم إليه العجب والتيه كما زعموا واحتقاره العرب واستصغاره الناس كما عددوه عليه وإن كانوا عندنا كاذبين ولكنه قول قيل وأمر ذكر وحال نسبت إليه وأعانهم عليها ما كان يصدر عنه من أقوال توهم مثل هذا نحو قوله فإنا صنائع ربنا والناس بعد صنائع لنا وما صح به عنده أن الأمر لم يكن ليستقيم له يوما واحدا ولا ينتظم ولا يستمر وأنه لو ولي الأمر لفتقت العرب عليه فتقا يكون فيه استئصال شأفة الإسلام وهدم أركانه فأذعن بالبيعة وجنح إلى الطاعة وأمسك عن طلب الإمرة وإن كان على مضض ورمض.

  وقد روي عنه # أن فاطمة # حرضته يوما على النهوض والوثوب فسمع صوت المؤذن أشهد أن محمدا رسول الله فقال لها أيسرك زوال هذا النداء من الأرض قالت لا قال فإنه ما أقول لك.