شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

211 - ومن كلام له #

صفحة 114 - الجزء 11

  وهذا المذهب هو أقصد المذاهب وأصحها وإليه يذهب أصحابنا المتأخرون من البغداديين وبه يقول.

  واعلم أن حال علي # في هذا المعنى أشهر من أن يحتاج في الدلالة عليها إلى الإسهاب والإطناب فقد رأيت انتقاض العرب عليه من أقطارها حين بويع بالخلافة بعد وفاة رسول الله ÷ بخمس وعشرين سنة وفي دون هذه المدة تنسى الأحقاد وتموت التراث وتبرد الأكباد الحامية وتسلو القلوب الواجدة ويعدم قرن من الناس ويوجد قرن ولا يبقى من أرباب تلك الشحناء والبغضاء إلا الأقل فكانت حاله بعد هذه المدة الطويلة مع قريش كأنها حاله لو أفضت الخلافة إليه يوم وفاة ابن عمه ÷ من إظهار ما في النفوس وهيجان ما في القلوب حتى أن الأخلاف من قريش والأحداث والفتيان الذين لم يشهدوا وقائعه وفتكاته في أسلافهم وآبائهم فعلوا به ما لو كانت الأسلاف أحياء لقصرت عن فعله وتقاعست عن بلوغ شأوه فكيف كانت تكون حاله لو جلس على منبر الخلافة وسيفه بعد يقطر دما من مهج العرب لا سيما قريش الذين بهم كان ينبغي لو دهمه خطب أن يعتضد وعليهم كان يجب أن يعتمد إذن كانت تدرس أعلام الملة وتنعفي رسوم الشريعة وتعود الجاهلية الجهلاء على حالها ويفسد ما أصلحه رسول الله ÷ في ثلاث وعشرين سنة في شهر واحد فكان من عناية الله تعالى بهذا الدين أن ألهم الصحابة ما فعلوه والله متم نوره ولو كره المشركون