شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

بيان أحوال العارفين

صفحة 217 - الجزء 11

  ومنها الفتوة قال سبحانه مخبرا عن أصحاب الأصنام قالُوا {سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ ٦٠}⁣[الأنبياء: ٦٠] وقال تعالى في أصحاب الكهف {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى ١٣}⁣[الكهف: ١٣].

  و قد اختلفوا في التعبير عن الفتوة ما هي فقال بعضهم الفتوة ألا ترى لنفسك فضلا على غيرك.

  وقال بعضهم الفتوة الصفح عن عثرات الإخوان.

  وقالوا إنما هتف الملك يوم أحد بقوله:

  لا سيف إلا ذو الفقار ... ولا فتى إلا علي

  لأنه كسر الأصنام فسمي بما سمي به أبوه إبراهيم الخليل حين كسرها وجعلها جذاذا.

  قالوا وصنم كل إنسان نفسه فمن خالف هواه فقد كسر صنمه فاستحق أن يطلق عليها لفظ الفتوة.

  وقال الحارث المحاسبي الفتوة أن تنصف ولا تنتصف.

  وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل سئل أبي عن الفتوة فقال ترك ما تهوى لما تخشى.

  وقيل الفتوة ألا تدخر ولا تعتذر.

  سأل شقيق البلخي جعفر بن محمد الصادق # عن الفتوة فقال ما تقول أنت قال إن أعطينا شكرنا وإن منعنا صبرنا قال إن الكلاب عندنا بالمدينة هذا شأنها ولكن قل إن أعطينا آثرنا وإن منعنا شكرنا.