شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

بعث معاوية بسر بن أرطاة إلى الحجاز واليمن

صفحة 8 - الجزء 2

  إلى الكوفة فبعث الجيش إلى المدينة فمثلنا ومثله كما قال الأول أريها السها وتريني القمر.

  فبلغ ذلك معاوية فغضب وقال والله لقد هممت بمساءة هذا الأحمق الذي لا يحسن التدبير ولا يدري سياسة الأمور ثم كف عنه قلت الوليد كان لشدة بغضه عليا # القديم التالد لا يرى الأناة في حربه ولا يستصلح الغارات على أطراف بلاده ولا يشفي غيظه ولا يبرد حزازات قلبه إلا باستئصاله نفسه بالجيوش وتسييرها إلى دار ملكه وسرير خلافته وهي الكوفة وأن يكون معاوية بنفسه هو الذي يسير بالجيوش إليه ليكون ذلك أبلغ في هلاك علي # واجتثاث أصل سلطانه ومعاوية كان يرى غير هذا الرأي ويعلم أن السير بالجيش للقاء علي # خطر عظيم فاقتضت المصلحة عنده وما يغلب على ظنه من حسن التدبير أن يثبت بمركزه بالشام في جمهور جيشه ويسرب الغارات على أعمال علي # وبلاده فتجوس خلال الديار وتضعفها فإذا أضعفتها أضعفت بيضة ملك علي # لأن ضعف الأطراف يوجب ضعف البيضة وإذا أضعفت البيضة كان على بلوغ إرادته والمسير حينئذ إن استصوب المسير أقدر.

  ولا يلام الوليد على ما في نفسه فإن عليا # قتل أباه عقبة بن أبي معيط صبرا يوم بدر وسمي الفاسق بعد ذلك في القرآن لنزاع وقع بينه وبينه