شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

بعث معاوية بسر بن أرطاة إلى الحجاز واليمن

صفحة 9 - الجزء 2

  ثم جلده الحد في خلافة عثمان وعزله عن الكوفة وكان عاملها وببعض هذا عند العرب أرباب الدين والتقى تستحل المحارم وتستباح الدماء ولا تبقى مراقبة في شفاء الغيظ لدين ولا لعقاب ولا لثواب فكيف الوليد المشتمل على الفسوق والفجور مجاهرا بذلك وكان من المؤلفة قلوبهم مطعونا في نسبه مرميا بالإلحاد والزندقة.

  قال إبراهيم بن هلال روى عوانة عن الكلبي ولوط بن يحيى أن بسرا لما أسقط من أسقط من جيشه سار بمن تخلف معه وكانوا إذا وردوا ماء أخذوا إبل أهل ذلك الماء فركبوها وقادوا خيولهم حتى يردوا الماء الآخر فيردون تلك الإبل ويركبون إبل هؤلاء فلم يزل يصنع ذلك حتى قرب إلى المدينة.

  قال وقد روي أن قضاعة استقبلتهم ينحرون لهم الجزر حتى دخلوا المدينة قال فدخلوها وعامل علي # عليها أبو أيوب الأنصاري صاحب منزل رسول الله ÷ فخرج عنها هاربا ودخل بسر المدينة فخطب الناس وشتمهم وتهددهم يومئذ وتوعدهم وقال شاهت الوجوه إن الله تعالى يقول {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا}⁣[النحل: ١١٢] الآية وقد أوقع الله تعالى ذلك المثل بكم وجعلكم أهله كان بلدكم مهاجر النبي ÷ ومنزله وفيه قبره ومنازل الخلفاء من بعده فلم تشكروا نعمة ربكم ولم ترعوا حق نبيكم وقتل خليفة الله بين أظهركم فكنتم بين قاتل وخاذل ومتربص وشامت إن كانت للمؤمنين قلتم ألم نكن معكم وإن كان للكافرين نصيب قلتم ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من