شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

بعث معاوية بسر بن أرطاة إلى الحجاز واليمن

صفحة 16 - الجزء 2

  فقال سعيد قد والله قاتلت ولكن ابن عباس خذلني وأبى أن يقاتل ولقد خلوت به حين دنا منا بسر فقلت إن ابن عمك لا يرضى مني ومنك بدون الجد في قتالهم قال لا والله ما لنا بهم طاقة ولا يدان فقمت في الناس فحمدت الله ثم قلت يا أهل اليمن من كان في طاعتنا وعلى بيعة أمير المؤمنين # فإلي إلي فأجابني منهم عصابة فاستقدمت بهم فقاتلت قتالا ضعيفا وتفرق الناس عني وانصرفت.

  قال ثم خرج بسر من صنعاء فأتى أهل جيشان وهم شيعة لعلي # فقاتلهم وقاتلوه فهزمهم وقتلهم قتلا ذريعا ثم رجع إلى صنعاء فقتل بها مائة شيخ من أبناء فارس لأن ابني عبيد الله بن العباس كانا مستترين في بيت امرأة من أبنائهم تعرف بابنة بزرج.

  وقال الكلبي وأبو مخنف فندب علي # أصحابه لبعث سرية في إثر بسر فتثاقلوا وأجابه جارية بن قدامة السعدي فبعثه في ألفين فشخص إلى البصرة ثم أخذ طريق الحجاز حتى قدم اليمن وسأل عن بسر فقيل أخذ في بلاد بني تميم فقال أخذ في ديار قوم يمنعون أنفسهم وبلغ بسرا مسير جارية فانحدر إلى اليمامة وأغذ جارية بن قدامة السير ما يلتفت إلى مدينة مر بها ولا أهل حصن ولا يعرج على شيء إلا أن يرمل بعض أصحابه من الزاد فيأمر أصحابه بمواساته أو يسقط بعير رجل أو تحفى دابته فيأمر أصحابه بأن يعقبوه حتى انتهوا إلى أرض اليمن فهربت شيعة عثمان حتى لحقوا بالجبال واتبعهم شيعة علي # وتداعت عليهم من كل جانب وأصابوا منهم وصمد نحو بسر وبسر بين يديه يفر من جهة إلى جهة أخرى حتى أخرجه من أعمال علي # كلها.

  فلما فعل به ذلك أقام جارية بحرس نحوا من شهر حتى استراح وأراح أصحابه ووثب الناس ببسر في طريقه لما انصرف من بين يدي جارية لسوء سيرته وفظاظته وظلمه وغشمه وأصاب بنو تميم ثقلا من ثقله في بلاده وصحبه إلى معاوية ليبايعه على الطاعة ابن مجاعة