شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

الطعن الخامس

صفحة 216 - الجزء 12

  وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ}⁣[الأنفال: ٤١] وليس يجوز أن تكون بدلا من اللام في اَللَّهُ ولا من اللام في قوله وَلِلرَّسُولِ فبقي أن تكون بدلا من اللام في قوله و {لِذِي اَلْقُرْبى} أما الأول فتعظيما له سبحانه وأما الثاني فلأنه تعالى قد أخرج رسوله من الفقراء بقوله {وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}⁣[الحشر: ٨] ولأنه يجب أن يرفع رسول الله ÷ عن التسمية بالفقير وأما الثالث فإما أن يفسر هذا البدل وما عطف عليه المبدل منه أو يفسر هذا البدل وحده دون ما عطف عليه المبدل منه والأول لا يصح لأن المعطوف على هذا البدل ليس من أهل القرى وهم الأنصار ألا ترى كيف قال سبحانه {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ}⁣[الحشر: ٨] الآية ثم قال سبحانه {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ}⁣[الحشر: ٩] وهم الأنصار وإن كان الثاني صار تقدير الآية أن الخمس لله وللرسول ولذي القربى الذين وصفهم الله ونعتهم بأنهم هاجروا وأخرجوا من ديارهم وللأنصار فيكون هذا مبطلا لما يذهب إليه المرتضى في قصر الخمس على ذوي القربى.

  ويمكن أن يعترض هذا الاحتجاج فيقال لم لا يجوز أن يكون قوله {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ}⁣[الحشر: ٩] ليس بعطف ولكنه كلام مبتدأ وموضع الذين رفع بالابتداء وخبره يحبون.

  وأيضا فإن هذه الحجة لا يمكن التمسك بها في آية الأنفال وهو قوله تعالى {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ}⁣[الأنفال: ٤١].

  فأما رواية سليم بن قيس الهلالي فليست بشيء وسليم معروف المذهب ويكفي في رد روايته كتابه المعروف بينهم المسمى كتاب سليم.