شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

235 - ومن خطبة له #

صفحة 103 - الجزء 13

  والمقدمات البديهية يستحيل أن تضعف عند الإنسان حتى يصير إيمانه جدليا أو تقليديا.

  وثانيها قوله # فإذا كانت لكم براءة فنقول إنه # نهى عن البراءة من أحد ما دام حيا لأنه وإن كان مخطئا في اعتقاده لكن يجوز أن يعتقد الحق فيما بعد وإن كان مخطئا في أفعاله لكن يجوز أن يتوب فلا تحل البراءة من أحد حتى يموت على أمر فإذا مات على اعتقاد قبيح أو فعل قبيح جازت البراءة منه لأنه لم يبق له بعد الموت حالة تنتظر وينبغي أن تحمل هذه البراءة التي أشار إليها # على البراءة المطلقة لا على كل براءة لأنا يجوز لنا أن نبرأ من الفاسق وهو حي ومن الكافر وهو حي لكن بشرط كونه فاسقا وبشرط كونه كافرا فأما من مات ونعلم ما مات عليه فإنا نبرأ منه براءة مطلقة غير مشروطة.

  وثالثها قوله والهجرة قائمة على حدها الأول فنقول هذا كلام يختص به أمير المؤمنين # وهو من أسرار الوصية لأن الناس يروون عن النبي ÷ أنه قال لا هجرة بعد الفتح فشفع عمه العباس في نعيم بن مسعود الأشجعي أن يستثنيه فاستثناه وهذه الهجرة التي يشير إليها أمير المؤمنين # ليست تلك الهجرة بل هي الهجرة إلى الإمام قال إنها قائمة على حدها الأول ما دام التكليف باقيا وهو معنى قوله ما كان لله تعالى في أهل الأرض حاجة.

  وقال الراوندي ما هاهنا نافية أي لم يكن لله في أهل الأرض من حاجة وهذا ليس بصحيح لأنه إدخال كلام منقطع بين كلامين متصل أحدهما بالآخر.

  ثم ذكر أنه لا يصح أن يعد الإنسان من المهاجرين إلا بمعرفة إمام زمانه وهو