شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

237 - ومن خطبة له #

صفحة 119 - الجزء 13

  الطبع والدنس يقال ران على قلبه ذنبه يرين رينا أي دنسه ووسخه واستغلقت أقفال الرين على قلوبهم تعسر فتحها.

  قوله فإنها حق الله عليكم والموجبة على الله حقكم يريد أنها واجبة عليكم فإن فعلتموها وجب على الله أن يجازيكم عنها بالثواب وهذا تصريح بمذهب المعتزلة في العدل وأن من الأشياء ما يجب على الله تعالى من باب الحكمة.

  قوله وأن تستعينوا عليها بالله وتستعينوا بها على الله يريد أوصيكم بأن تستعينوا بالله على التقوى بأن تدعوه وتبتهلوا إليه أن يعينكم عليها ويوفقكم لها وييسرها ويقوي دواعيكم إلى القيام بها وأوصيكم أن تستعينوا بالتقوى على لقاء الله ومحاكمته وحسابه فإنه تعالى يوم البعث والحساب كالحاكم بين المتخاصمين {وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا}⁣[الجاثية: ٢٨] فالسعيد من استعان على ذلك الحساب وتلك الحكومة والخصومة بالتقوى في دار التكليف فإنها نعم المعونة {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}⁣[البقرة: ١٩٧].

  و الجنة ما يستتر به.

  قوله ومستودعها حافظ يعني الله سبحانه لأنه مستودع الأعمال ويدل عليه قوله تعالى {إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا ٣٠}⁣[الكهف: ٣٠] وليس ما قاله الراوندي من أنه أراد بالمستودع قلب الإنسان بشي ء.

  قوله لم تبرح عارضة نفسها كلام فصيح لطيف يقول إن التقوى لم تزل عارضة نفسها على من سلف من القرون فقبلها القليل منهم شبهها بالمرأة العارضة نفسها نكاحا على قوم فرغب فيها من رغب وزهد من زهد وعلى الحقيقة ليست