استدلال قاضي القضاة على إمامة أبي بكر ورد المرتضى عليه
  مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ}[الفتح: ١٦] وإنما أراد أن الرسول سيدعوكم فيما بعد إلى قتال قوم أولي بأس شديد وقد دعاهم النبي ÷ بعد ذلك إلى غزوات كثيرة إلى قوم أولي بأس شديد كمؤتة وحنين وتبوك وغيرهما فمن أين يجب أن يكون الداعي لهؤلاء غير النبي ÷ مع ما ذكرناه من الحروب التي كانت بعد خيبر.
  وقوله إن معنى قوله تعالى {كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ}[الفتح: ١٥] إنما أراد به ما بينه في قوله {فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا}[التوبة: ٨٣] بتبوك سنة تسع وآية الفتح نزلت في سنة ست فكيف يكون قبلها.
  وليس يجب أن يقال في القرآن بالإرادة وبما يحتمل من الوجوه في كل موضع دون الرجوع إلى تاريخ نزول الآي والأسباب التي وردت عليها وتعلقت بها.
  ومما يبين لك أن هؤلاء المخلفين غير أولئك لو لم نرجع في ذلك إلى نقل وتاريخ قوله تعالى في هؤلاء {فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ١٦}[الفتح: ١٦] فلم يقطع منهم على طاعة ولا معصية بل ذكر الوعد والوعيد على ما يفعلونه من طاعة أو معصية وحكم المذكورين في آية سورة التوبة بخلاف هذه لأنه تعالى بعد قوله {إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ ٨٣ وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ ٨٤ وَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ ٨٥}[التوبة: ٨٣ - ٨٥] واختلاف أحكامهم وصفاتهم يدل