شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

استدلال قاضي القضاة على إمامة أبي بكر ورد المرتضى عليه

صفحة 192 - الجزء 13

  على اختلافهم وأن المذكورين في آية سورة الفتح غير المذكورين في آية سورة التوبة.

  وأما قوله لأن أهل التأويل لم يقولوا في هذه الآية غير وجهين من التأويل فذكرهما باطل لأن أهل التأويل قد ذكروا شيئا آخر لم يذكره لأن المسيب روى عن أبي روق عن الضحاك في قوله تعالى {سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ}⁣[الفتح: ١٦] الآية قال هم ثقيف وروى هشيم عن أبي يسر سعيد بن جبير قال هم هوازن يوم حنين.

  وروى الواقدي عن معمر عن قتادة قال هم هوازن وثقيف فكيف ذكر من أقوال المفسرين ما يوافقه مع اختلاف الرواية عنهم على أنا لا نرجع في كل ما يحتمله تأويل القرآن إلى أقوال المفسرين فإنهم ربما تركوا مما يحتمله القول وجها صحيحا وكم استخرج جماعة من أهل العدل في متشابه القرآن من الوجوه الصحيحة التي ظاهر التنزيل بها أشبه ولها أشد احتمالا مما لم يسبق إليه المفسرون ولا دخل في جملة تفسيرهم وتأويلهم.

  والوجه الثاني سلم فيه أن الداعي هؤلاء المخلفين غير النبي ÷ وقال لا يمتنع أن يعنى بهذا الداعي أمير المؤمنين # لأنه قاتل بعده الناكثين والقاسطين والمارقين وبشره النبي ÷ بأنه يقاتلهم وقد كانوا أولي بأس شديد بلا شبهة.

  قال فأما تعلق صاحب الكتاب بقوله {أَوْ يُسْلِمُونَ}⁣[الفتح: ١٦] وأن الذين حاربهم أمير المؤمنين # كانوا مسلمين فأول ما فيه أنهم غير مسلمين عنده وعند أصحابه لأن الكبائر تخرج من الإسلام عندهم كما تخرج عن الإيمان إذ كان الإيمان هو الإسلام