شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

اختلاف الرأي في إيمان أبي طالب

صفحة 71 - الجزء 14

  وقالوا وقد روي بأسانيد كثيرة بعضها عن العباس بن عبد المطلب وبعضها عن أبي بكر بن أبي قحافة أن أبا طالب ما مات حتى قال لا إله إلا الله محمد رسول الله والخبر مشهور أن أبا طالب عند الموت قال كلاما خفيا فأصغى إليه أخوه العباس ثم رفع رأسه إلى رسول الله ÷ فقال يا ابن أخي والله لقد قالها عمك ولكنه ضعف عن أن يبلغك صوته.

  وروي عن علي # أنه قال ما مات أبو طالب حتى أعطى رسول الله ÷ من نفسه الرضا.

  قالوا وأشعار أبي طالب تدل على أنه كان مسلما ولا فرق بين الكلام المنظوم والمنثور إذا تضمنا إقرارا بالإسلام ألا ترى أن يهوديا لو توسط جماعة من المسلمين وأنشد شعرا قد ارتجله ونظمه يتضمن الإقرار بنبوة محمد ÷ لكنا نحكم بإسلامه كما لو قال أشهد أن محمدا رسول الله ÷ فمن تلك الأشعار قوله:

  يرجون منا خطة دون نيلها ... ضراب وطعن بالوشيج المقوم

  يرجون أن نسخى بقتل محمد ... ولم تختضب سمر العوالي من الدم

  كذبتم وبيت الله حتى تفلقوا ... جماجم تلقى بالحطيم وزمزم

  وتقطع أرحام وتنسى حليلة ... حليلا ويغشى محرم بعد محرم

  على ما مضى من مقتكم وعقوقكم ... وغشيانكم في أمركم كل مأثم

  وظلم نبي جاء يدعو إلى الهدى ... وأمر أتى من عند ذي العرش قيم