شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

القول فيما جرى في الغنيمة والأسارى بعد هزيمة قريش ورجوعها إلى مكة

صفحة 171 - الجزء 14

  وقعة التقينا فيها بالمشركين فأحببت أن يذلهم الله وأن يثخن فيهم القتل.

  قال الواقدي وكان النضر بن الحارث أسره المقداد يومئذ فلما خرج رسول الله ÷ من بدر فكان الأثيل عرض عليه الأسرى فنظر إلى النضر بن الحارث فأبده البصر فقال لرجل إلى جنبه محمد والله قاتلي لقد نظر إلي بعينين فيهما الموت فقال الذي إلى جنبه والله ما هذا منك إلا رعب فقال النضر لمصعب بن عمير يا مصعب أنت أقرب من هاهنا بي رحما كلم صاحبك أن يجعلني كرجل من أصحابي هو والله قاتلي إن لم تفعل قال مصعب إنك كنت تقول في كتاب الله كذا وكذا وتقول في نبيه كذا وكذا قال يا مصعب فليجعلني كأحد أصحابي إن قتلوا قتلت وإن من عليهم من علي قال مصعب إنك كنت تعذب أصحابه قال أما والله لو أسرتك قريش ما قتلت أبدا وأنا حي قال مصعب والله إني لأراك صادقا ولكن لست مثلك قطع الإسلام العهود.

  قال الواقدي وعرضت الأسرى على رسول الله ÷ فرأى النضر بن الحارث فقال اضربوا عنقه فقال المقداد أسيري يا رسول الله فقال اللهم أغن المقداد من فضلك قم يا علي فاضرب عنقه فقام علي فضرب عنقه بالسيف صبرا وذلك بالأثيل فقالت أخته:

  يا راكبا إن الأثيل مظنة ... من صبح خامسة وأنت موفق

  بلغ به ميتا فإن تحية ... ما إن تزال بها الركائب تخفق

  مني إليه وعبرة مسفوحة ... جادت لمائحها وأخرى تخنق