شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

الطعن السابع

صفحة 205 - الجزء 17

  يربوع واليا من قبل رسول الله ÷ ولما بلغته وفاة رسول الله ÷ أمسك عن أخذ الصدقة من قومه وقال لهم تربصوا بها حتى يقوم قائم بعد النبي ÷ وننظر ما يكون من أمره وقد صرح بذلك في شعره حيث يقول:

  وقال رجال سدد اليوم مالك ... وقال رجال مالك لم يسدد

  فقلت دعوني لا أبا لأبيكم ... فلم أخط رأيا في المقام ولا الندي

  وقلت خذوا أموالكم غير خائف ... ولا ناظر فيما يجيء به غدي

  فدونكموها إنما هي مالكم ... مصورة أخلاقها لم تجدد

  سأجعل نفسي دون ما تحذرونه ... وأرهنكم يوما بما قلته يدي

  فإن قام بالأمر المجدد قائم ... أطعنا وقلنا الدين دين محمد

  فصرح كما ترى أنه استبقى الصدقة في أيدي قومه رفقا بهم وتقربا إليهم إلى أن يقوم بالأمر من يدفع ذلك إليه وقد روى جماعة من أهل السير وذكره الطبري في تاريخه أن مالكا نهى قومه عن الاجتماع على منع الصدقات وفرقهم وقال يا بني يربوع إنا كنا قد عصينا أمراءنا إذ دعونا إلى هذا الدين وبطأنا الناس عنه فلم نفلح ولم ننجح وأني قد نظرت في هذا الأمر فوجدت الأمر يتأتى لهؤلاء القوم بغير سياسة وإذا أمر لا يسوسه الناس فإياكم ومعاداة قوم يصنع لهم فتفرقوا على ذلك إلى أموالهم ورجع مالك إلى منزله فلما قدم خالد البطاح بث السرايا وأمرهم بداعية الإسلام وأن يأتوه بكل من لم يجب وأمرهم إن امتنع أن يقاتلوه فجاءته الخيل بمالك بن نويرة في نفر من بني يربوع واختلف السرية في أمرهم وفي السرية أبو قتادة الحارث بن ربعي فكان ممن شهد أنهم أذنوا وأقاموا وصلوا فلما اختلفوا فيهم