شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

الطعن الثامن

صفحة 215 - الجزء 17

  معروفة بها والحجر كلها كانت أملاكا لأزواج النبي ÷ وقد نطق القرآن بذلك في قوله {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ}⁣[الأحزاب: ٣٣] وذكر أن عمر استأذن عائشة في أن يدفن في ذلك الموضع وحتى قال إن لم تأذن لي فادفنوني في البقيع وعلى هذا الوجه يحمل ما روي عن الحسن # أنه لما مات أوصى أن يدفن إلى جنب رسول الله ÷ وإن لم يترك ففي البقيع فلما كان من مروان وسعيد بن العاص ما كان دفن بالبقيع وإنما أوصى بذلك بإذن عائشة ويجوز أن يكون علم من عائشة أنها جعلت الموضع في حكم الوقف فاستباحوا ذلك لهذا الوجه قال وفي دفنه # في ذلك الموضع ما يدل على فضل أبي بكر لأنه # لما مات اختلفوا في موضع دفنه وكثر القول حتى روى أبو بكر عنه ÷ أنه قال ما يدل على أن الأنبياء إذا ماتوا دفنوا حيث ماتوا فزال الخلاف في ذلك.

  اعترض المرتضى فقال لا يخلو موضع قبر النبي ÷ من أن يكون باقيا على ملكه # أو يكون انتقل في حياته إلى عائشة على ما ادعاه فإن كان الأول لم يخل أن يكون ميراثا بعده أو صدقة فإن كان ميراثا فما كان يحل لأبي بكر ولا لعمر من بعده أن يأمرا بدفنهما فيه إلا بعد إرضاء الورثة الذين هم على مذهبنا فاطمة وجماعة الأزواج وعلى مذهبهم هؤلاء والعباس ولم نجد واحدا منهما خاطب أحدا من هؤلاء الورثة على ابتياع هذا المكان ولا استنزله عنه بثمن ولا غيره وإن كان صدقة فقد كان يجب أن يرضى عنه جماعة المسلمين ويبتاعه منهم هذا إن جاز الابتياع لما يجري هذا المجرى وإن كان انتقل في حياته فقد كان يجب أن يظهر سبب انتقاله والحجة فيه فإن فاطمة # لم يقنع منها في انتقال فدك إلى ملكها بقولها ولا بشهادة من