شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

ذكر الخبر عن فتح مكة

صفحة 262 - الجزء 17

  لا نصرت إن لم أنصر بني كعب يعني خزاعة فيما أنصر منه نفسي.

  قال الواقدي وحدثني حرام بن هشام عن أبيه قال قال رسول الله ÷ لكأنكم بأبي سفيان قد جاءكم يقول جدد العهد وزد في الهدنة وهو راجع بسخطه وقال لبني خزاعة عمرو بن سالم وأصحابه ارجعوا وتفرقوا في الأودية وقام فدخل على عائشة وهو مغضب فدعا بماء فدخل يغتسل

  قالت عائشة فأسمعه يقول وهو يصب الماء على رجليه لا نصرت أن لم أنصر بني كعب.

  قال الواقدي فأما أبو سفيان فخرج من مكة وهو متخوف أن يكون عمرو بن سالم ورهطه من خزاعة سبقوه إلى المدينة وكان القوم لما رجعوا من المدينة وأتوا الأبواء تفرقوا كما أوصاهم رسول الله ÷ فذهبت طائفة إلى الساحل تعارض الطريق ولزم بديل ابن أم أصرم الطريق في نفر معه فلقيهم أبو سفيان فلما رآهم أشفق أن يكونوا لقوا محمدا ÷ بل كان اليقين عنده فقام للقوم منذ كم عهدكم بيثرب قالوا لا عهد لنا بها فعرف أنهم كتموه فقال أما معكم من تمر يثرب شيء تطعموناه فإن لتمر يثرب فضلا على تمر تهامة قالوا لا ثم أبت نفسه أن تقر فقال يا بديل هل جئت محمدا قال لا ولكني سرت في بلاد خزاعة من هذا الساحل في قتيل كان بينهم حتى أصلحت بينهم قال يقول أبو سفيان إنك والله ما علمت بر واصل فلما راح بديل وأصحابه جاء أبو سفيان إلى أبعار إبلهم ففتها فإذا فيها النوى ووجد في منزلهم نوى من تمر عجوة كأنه ألسنة العصافير فقال أحلف بالله لقد جاء القوم محمدا وأقبل حتى قدم المدينة فدخل على النبي ÷ فقال يا محمد إني كنت غائبا في صلح الحديبية فاشدد العهد وزدنا في المدة فقال رسول الله ÷ ولذلك قدمت يا أبا سفيان قال نعم قال فهل كان قبلكم حدث