باب الحكم والمواعظ
  والاحتساب لترحل عنك وقد أبقت عليك أكثر مما سلبت منك ولا تنسها عند رخائك فإن تذكرك لها أوقات الرخاء يبعد السوء عن فعلك وينفى القساوة عن قلبك ويوزعك حمد الله وتقواه.
  الفصل الثالث قوله والزهد ثروة وهذا حق لأن الثروة ما استغنى به الإنسان عن الناس ولا غناء عنهم كالزهد في دنياهم فالزهد على الحقيقة هو الغنى الأكبر.
  وروي أن عليا # قال لعمر بن الخطاب أول ما ولي الخلافة إن سرك أن تلحق بصاحبيك فقصر الأمل وكل دون الشبع وارقع القميص واخصف النعل واستغن عن الناس بفقرك تلحق بهما.
  وقف ملك على سقراط وهو في المشرفة قد أسند ظهره إلى جب كان يأوي إليه فقال له سل حاجتك فقال حاجتي أن تتنحى عني فقد منعني ظلك المرفق بالشمس فسأله عن الجب قال آوي إليه قال فإن انكسر الجب لم ينكسر المكان.
  وكان يقال الزهد في الدنيا هو الزهد في المحمدة والرئاسة لا في المطعم والمشرب وعند العارفين الزهد ترك كل شيء يشغلك عن الله.
  وكان يقال العالم إذا لم يكن زاهدا لكان عقوبة لأهل زمانه لأنهم يقولون لو لا أن علمه لم يصوب عنده الزهد لزهد فهم يقتدون بزهده في الزهد.
  الفصل الرابع قوله والورع جنة كان يقال لا عصمة كعصمة الورع والعبادة أما الورع فيعصمك من المعاصي وأما العبادة فتعصمك من خصمك فإن عدوك لو رآك قائما تصلي وقد دخل ليقتلك لصد عنك وهابك.