شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

سعة الصدر وما ورد في ذلك من حكايات

صفحة 24 - الجزء 19

  ٢٠٠ - وَقَالَ # لاَ يُزَهِّدَنَّكَ فِي اَلْمَعْرُوفِ مَنْ لاَ يَشْكُرُهُ لَكَ فَقَدْ يَشْكُرُكَ عَلَيْهِ مَنْ لاَ يَسْتَمْتِعُ بِشَيْ ءٍ مِنْهُ وَقَدْ تُدْرِكُ يُدْرَكُ مِنْ شُكْرِ اَلشَّاكِرِ أَكْثَرَ مِمَّا أَضَاعَ اَلْكَافِرُ وَاَللَّهُ يُحِبُّ اَلْمُحْسِنِينَ قد أخذت أنا هذا المعنى فقلت من جملة قصيدة لي حكمية:

  لا تسدين إلى ذي اللؤم مكرمة ... فإنه سبخ لا ينبت الشجرا

  فإن زرعت فمحفوظ بمضيعة ... وأكل زرعك شكر الغير إن كفرا

  وقد سبق منا كلام طويل في الشكر.

  ورأى العباس بن المأمون يوما بحضرة المعتصم خاتما في يد إبراهيم بن المهدي فاستحسنه فقال له ما فص هذا الخاتم ومن أين حصلته فقال إبراهيم هذا خاتم رهنته في دولة أبيك وافتككته في دولة أمير المؤمنين فقال العباس فإن لم تشكر أبي على حقنه دمك فأنت لا تشكر أمير المؤمنين على فكه خاتمك.

  وقال الشاعر:

  لعمرك ما المعروف في غير أهله ... وفي أهله إلا كبعض الودائع

  فمستودع ضاع الذي كان عنده ... ومستودع ما عنده غير ضائع

  وما الناس في شكر الصنيعة عندهم ... وفي كفرها إلا كبعض المزارع

  فمزرعة طابت وأضعف نبتها ... ومزرعة أكدت على كل زارع