شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

سعة الصدر وما ورد في ذلك من حكايات

صفحة 25 - الجزء 19

  ٢٠١ - وَقَالَ # كُلُّ وِعَاءٍ يَضِيقُ بِمَا جُعِلَ فِيهِ إِلاَّ وِعَاءَ اَلْعِلْمِ فَإِنَّهُ يَتَّسِعُ بِهِ هذا الكلام تحته سر عظيم ورمز إلى معنى شريف غامض ومنه أخذ مثبتو النفس الناطقة الحجة على قولهم ومحصول ذلك أن القوى الجسمانية يكلها ويتعبها تكرار أفاعيلها عليها كقوة البصر يتعبها تكرار إدراك المرئيات حتى ربما أذهبها وأبطلها أصلا وكذلك قوة السمع يتعبها تكرار الأصوات عليها وكذلك غيرها من القوى الجسمانية ولكنا وجدنا القوة العاقلة بالعكس من ذلك فإن الإنسان كلما تكررت عليه المعقولات ازدادت قوته العقلية سعة وانبساطا واستعدادا لإدراك أمور أخرى غير ما أدركته من قبل حتى كان تكرار المعقولات عليها يشحذها ويصقلها فهي إذن مخالفة في هذا الحكم للقوى الجسمانية فليست منها لأنها لو كانت منها لكان حكمها حكم واحد من أخواتها وإذا لم تكن جسمانية فهي مجردة وهي التي نسميها بالنفس الناطقة