شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

سعة الصدر وما ورد في ذلك من حكايات

صفحة 27 - الجزء 19

  ٢٠٣ - وَقَالَ # إِنْ لَمْ تَكُنْ حَلِيماً فَتَحَلَّمْ فَإِنَّهُ قَلَّ مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ إِلاَّ أَوْشَكَ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ التحلم تكلف الحلم والذي قاله # صحيح في مناهج الحكمة وذلك لأن من تشبه بقوم وتكلف التخلق بأخلاقهم والتأدب بآدابهم واستمر على ذلك ومرن عليه الزمان الطويل اكتسب رياضة قوية وملكة تامة وصار ذلك التكلف كالطبع له وانتقل عن الخلق الأول ألا ترى أن الأعرابي الجلف الجافي إذا دخل المدن والقرى وخالط أهلها وطال مكثه فيهم انتقل عن خلق الأعراب الذي نشأ عليه وتلطف طبعه وصار شبيها بساكني المدن وكالأجنبي عن ساكني الوبر وهذا قد وجدناه في حيوانات أخرى غير البشر كالبازي والصقر والفهد التي تراض حتى تذل وتأنس وتترك طبعها القديم بل قد شاهدناه في الأسد وهو أبعد الحيوان من الإنس.

  وذكر ابن الصابي أن عضد الدولة بن بويه كانت له أسود يصطاد بها كالفهود فتمسكه عليه حتى يدركه فيذكيه وهذا من العجائب الطريفة