شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

أقوال في العين والسحر والفأل والعدوى والطيرة

صفحة 379 - الجزء 19

  كان للعرب كاهنان اسم أحدهما شق وكان نصف إنسان واسم الآخر سطيح وكان يطوى طي الحصير ويتكلمان بكل أعجوبة في الكهانة فقال ابن الرومي:

  لك رأي كأنه رأي شق ... وسطيح قريعي الكهان

  يستشف الغيوب عما تواري ... بعيون جلية الإنسان

  وقال أبو عثمان الجاحظ كان مسيلمة قبل أن يتنبأ يدور في الأسواق التي كانت بين دور العرب والعجم كسوق الأبلة وسوق بقة وسوق الأنبار وسوق الحيرة يلتمس تعلم الحيل والنيرنجيات واحتيالات أصحاب الرقى والعزائم والنجوم وقد كان أحكم علم الحزاة وأصحاب الزجر والخط فعمد إلى بيضة فصب إليها خلا حاذقا قاطعا فلانت حتى إذا مدها الإنسان استطالت ودقت كالعلك ثم أدخلها قارورة ضيقة الرأس وتركها حتى انضمت واستدارت وجمدت فعادت كهيئتها الأولى فأخرجها إلى قوم وهم أعراب واستغواهم بها وفيه قيل:

  ببيضة قارور وراية شادن ... وتوصيل مقطوع من الطير حاذق

  قالوا أراد براية الشادن التي يعملها الصبي من القرطاس الرقيق ويجعل لها ذنبا وجناحين ويرسلها يوم الريح بخيط طويل.

  كان مسيلمة يعمل رايات من هذا الجنس ويعلق فيها الجلاجل ويرسلها ليلا في شدة الريح ويقول هذه الملائكة تنزل علي وهذه خشخشة الملائكة وزجلها وكان يصل جناح الطير المقصوص بريش معه فيطير ويستغوي به الأعراب.

  شاعر في الطيرة