شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

فصل في ألفاظ الكنايات وذكر الشواهد عليها

صفحة 205 - الجزء 20

  ويقولون لأبناء الملوك والرؤساء ومن يجري مجراهم جفاة المحز قال الشاعر:

  جفاة المحز لا يصيبون مفصلا ... ولا يأكلون اللحم إلا تخذما

  يقول هم ملوك وأشباه الملوك لا حذق لهم بنحر الإبل والغنم ولا يعرفون التجليد والسلخ ولهم من يتولى ذلك عنهم وإذا لم يحضرهم من يجزر الجزور تكلفوا هم ذلك بأنفسهم فلم يحسنوا حز المفصل كما يفعله الجزار وقوله

  ولا يأكلون اللحم إلا تخذما

  أي ليس بهم شره فإذا أكلوا اللحم تخذموا قليلا قليلا والخذم القطع وأنشد الجاحظ في مثله:

  وصلع الرءوس عظام البطون ... جفاة المحز غلاظ القصر

  لأن ذلك كله أمارات الملوك وقريب من ذلك قوله:

  ليس براعي إبل ولا غنم ... ولا بجزار على ظهر وضم

  ويقولون فلان أملس يكنون عمن لا خير فيه ولا شر أي لا يثبت فيه حمد ولا ذم.

  ويقولون ملحه على ركبته أي هو سيئ الخلق يغضبه أدنى شيء قال:

  لا تلمها إنها من عصبة ... ملحها موضوعة فوق الركب

  ويقولون كناية عن مجوسي هو ممن يخط على النمل والنمل جمع نملة وهي قرحة بالإنسان كانت العرب تزعم أن المجوسي إذا كان من أخته وخط عليها برأت قال الشاعر:

  ولا عيب فينا غير عرق لمعشر ... كرام وأنا لا نخط على النمل