شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

نبذ من كلام الحكماء في مدح القناعة وذم الطمع

صفحة 161 - الجزء 3

  ولا يزاد على ما قدر له

  سليمان بن المهاجر البجلي:

  كسوت جميل الصبر وجهي فصانه ... به الله عن غشيان كل بخيل

  فلم يتبذلني البخيل ولم أقم ... على بابه يوما مقام ذليل

  وإن قليلا يستر الوجه أن يرى ... إلى الناس مبذولا لغير قليل

  وقف بعض الملوك على سقراط وهو في المشرقة، فقال له: سل حاجتك.

  قال: حاجتي أن تزيل عني ظلك فقد منعتني الرفق بالشمس، فأحضر له ذهبا وكسوة ديباج، فقال: إنه لا حاجة بسقراط إلى حجارة الأرض ولعاب الدود إنما حاجته إلى أمر يصحبه حيثما توجه.

  صلى معروف الكرخي خلف إمام فلما انفتل سأل ذلك الإمام معروفا من أين تأكل؟ قال: اصبر علي حتى أعيد ما صليته خلفك.

  قال: لماذا؟ قال: لأن من شك في الرزق شك في الرازق.

  قال الشاعر:

  ولا تهلكن النفس وجدا وحسرة ... على الشيء أسداه لغيرك قادرة

  ولا تيأسن من صالح أن تناله ... وإن كان نهبا بين أيد تبادره

  فإنك لا تعطي أمرا حظ نفسه ... ولا تمنع الشق الذي الغيث ناصره

  قال عمر بن الخطاب لعلي بن أبي طالب: قد مللت الناس وأحببت أن ألحق بصاحبي، فقال: إن سرك اللحوق بهما فقصر أملك وكل دون الشبع، واخصف النعل، وكن كميش الإزار مرقوع القميص تلحق بهما.