محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الرعد

صفحة 315 - الجزء 2

  غير هذه الدار ينال فيها عوض ما فاته في الدنيا، وأنه لو لم يكن ذلك لكان ظلماً من الله سبحانه وتعالى أن يميته قبل أن ينال عوضه، وكذلك الظالم والمظلوم فعندما لا نرى هذا الظالم ينال جزاءه في الدنيا فإنا نقطع أنه لا بد من دار غير هذه الدار ينال فيها جزاءه، وذلك أنا نعلم أن الله سبحانه وتعالى عدل حكيم ومن عدله وحكمته أن ينال هذا الظالم جزاءه، ويأخذ هذا المظلوم حقه، وكذلك الله سبحانه وتعالى على كل شيء قدير فهو قادر على أن يمنع هذا الظالم، ويحول بينه وبين هذا المظلوم، ولكنه خلَّى بينهما، وجعل هذا متمكناً، ووفر له جميع أسباب ظلمه من الآلات والقوى، وفي مقابله سلب عن المظلوم التمكين والقوى التي يدفع بها عن نفسه، إذاً فلا بد أن يبعثهما فيعوض هذا ما قد سلبه في الدنيا، وينيل ذلك الظالم جزاءه، يعرف ذلك كل من نظر وتفكر بعقله.

  ثم وصف الله سبحانه وتعالى أولو الألباب فقال: {الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ ٢٠} وهو إيمانهم بالله سبحانه وتعالى وامتثالهم لما أمرهم به، واجتنابهم ما نهاهم عنه؛ فهذا هو عهدهم وميثاقهم مع الله سبحانه وتعالى الذي يوفون به، وهكذا هم متصفون بالوفاء، وعدم نقض العهد فيما بينهم وبين الناس.

  {وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ}⁣(⁣١) فهم يتبعون الله سبحانه وتعالى، ويطيعونه فيما أمرهم به، ويصلون ما أمرهم بوصله من الأرحام، وموالاة أوليائه، ومعاداة أعدائه.

  {وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ} ومن صفة أولي الألباب أيضاً أنهم يخشون ربهم، ويخافون معصيته التي تؤدي إلى عذابه وعقابه.


(١) سؤال: هل يدخل تحت هذا حقوق الوالدين والجيران وحق أهل البيت وحق الصحابة الأخيار وحق العلماء والمؤمنين؟

الجواب: يدخل كل من ذكر في عموم هذه الآية، فلن ينال رضوان الله تعالى في الدار الآخرة إلا من حافظ على حقوق من ذكر.