سورة الرعد
  {وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا}(١) أخبر الله سبحانه وتعالى عن المشركين أنهم فرحوا بما هم عليه من النعمة ومن الغنى والثراء والسعة.
  {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي(٢) الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ ٢٦} فلا تتعاظموا أمر الدنيا أيها المؤمنون فليست شيئاً بالنسبة للآخرة، وليست إلا كمتاع المسافر سرعان ما ينتهي.
  {وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ} كان المشركون يقولون: لو كان محمد صادقاً لأتانا بآية واضحة تدل على صدق نبوته، متجاهلين ما جاءهم به من الآيات القاهرة.
  {قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ ٢٧} أمر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ أن يجيب على المشركين بأن الله قد أرسله بالآيات والحجج الواضحة التي تدل على صدقه، ولكنكم قد ضللتم(٣) عنها، ولم تعتبروا بها، وأنه قد اهتدى
(١) سؤال: هل الواو في قوله: {وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا} عاطفة؛ فعلام عطفت؟ أم أنها غير عاطفة فما هي؟
الجواب: الواو استئنافية وليست للعطف، والجملة استئنافية لبيان حال المشركين وما هم عليه من الغرور بالحياة الدنيا.
(٢) سؤال: ما معنى «في» في قوله: {فِي الْآخِرَةِ}؟
الجواب: معناها المقايسة، وهي الداخلة بين مفضول سابق وفاضل لاحق، أي أن الحياة الدنيا بالنسبة إلى حياة اليوم الآخر حياة قليلة، وقد جاء في الأثر: «ما الدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم أصبعه في اليم فلينظر بم يرجع».
(٣) سؤال: قد يقال: إن الله تعالى قد أسند الإضلال إليه تقدس وتعالى فعلام يُخَرَّج؟ وما هي القرائن على ذلك؟
الجواب: الإضلال المسند إلى الله هو سلب التوفيق والتنوير بسبب كفرهم. والقرينة على ذلك هنا قوله: {وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ ٢٧} فإذا كان الله تعالى يهدي من تاب ورجع إلى الله وآمن واستجاب فإنه يكون معنى الهدى المراد هو التوفيق والتنوير والإعانة، فعلى هذا يكون المراد بقوله: {يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ} يضل من أعرض عن الهدى وكفر به لمقابلته ليهدي إليه من أناب، فيكون الإضلال المسند إلى الله هو: سلب التوفيق والتنوير، كما =